للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتمت كلماته فآمن به وحده لا شريك له، فاجعلنا يا إلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه، واجمع بيننا وبينه حتى يعرفنا ونعرفه، فإنه كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما، لا نبتغي بالإيمان بدلا، ولا نشتري به ثمنا أبدا ١.

فيقول الناس آمين آمين، ثم يخرجون ويدخل غيرهم، ولما فرغوا نادى عمر خلوا الجنازة وأهلها.

ولما اختلفوا في موضع دفنه قال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مات نبي قط إلا يدفن حيث تقبض روحه" ٢ قال علي: وأنا أيضا سمعته. فرفع فراشه ودفن، ولما أرادوا أن يحفروا لرسول الله، كان بالمدينة رجلان أبو عبيدة بن الجراح يضرح لأهل مكة، وكان أبو طلحة الأنصاري هو الذي يلحد لأهل المدينة، فجاء أبو طلحة وألحد لرسول الله، وجعل في قبره قطيفة حمراء كان يلبسها فبسطت تحته، وكانت الأرض ندية، ورش قبره صلى الله عليه وسلم بلال بتربة بدا من قبل رأسه وجعل عليه من حصباء العرصة٣ حمرا وبيضا، ورفع قبره عن الأرض قدر شبر، ونزل قبره علي، والفضل وقثم ابنا العباس، وشقران، وأوس بن خولى الأنصاري.

خطبة أبي بكر بعد البيعة٤

بعد أن تمت بيعة أبي بكر بيعة عامة، صعد المنبر وقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:

أيها الناس قد وليت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى، لا يدع أحد منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم رحمكم الله.

فيا لها من كلمات جامعة حوت الصراحة والعدل، مع التواضع والفضل، والحث على الجهاد لنصرة الدين، وإعلاء شأن المسلمين.


١- البداية والنهاية: ٥/٢٦٥، الطبقات الكبرى: ٢/٢٩٠.
٢- أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه "٧/٢٢٨".
٣- العرصة: كل بقعة بين الدور الواسعة لسي فيها بناء.
٤- الرياض النضرة: ٢/٢١٣، تاريخ الخلفاء: ص٦٩، تاريخ الطبري: ٢/٢٣٨، البداية والنهاية: ٥/٢٤٨.

<<  <   >  >>