[موقعة بابل١ صيف سنة ١٣هـ - سنة ٦٣٤ م]
وبعد أن أرسل المثنى هذا الرد إلى شهر براز زحف للقاء هرمز ببابل تاركا بالحيرة قوة صغيرة فاقتتلوا قتالا شديدا وكان على جيش الفرس فيل كبير يفرق جموع المسلمين فأحاط به المثنى ومعه ناس وتمكنوا من قتله، فانهزم الفرس وتبعهم جيش المثنى إلى أبواب المدائن عاصمة الفرس يقتلونهم، وفي ذلك يقول عبدة بن الطبيب السعدي وكان عبدة قد هاجر لمهاجرة حليلة له حتى شهد موقعة بابل فلما آيسته رجع إلى البادية فقال من قصيدة له:
هل حبل خولة بعد البين موصول ... أم أنت عنها بعيد الدار مشغول
للأحبة أيام تذكرها ... وللنوى قبل يوم البين تأويل
حلت خويلة في حي عهدتهم ... دون المدائن فيها الديك والفيل
يقارعون رؤوس العجم ضاحية ... منهم فوارس لا عزل ولا ميل
وقال الفرزدق يعدد بيوتات بكر بن وائل وذكر المثنى وقتله الفيل:
وبيت المثنى قاتل الفيل عنوة ... ببابل إذ في فارس ملك بابل
المثنى يطلب النجدة من أبي بكر٢
لما انهزم هرمز جاذويه قتل الجند ملكهم شهر براز واختلفت أهل فارس وبقي ما دون دجلة بيد المثنى فاضطر أن يحمي حدودا شاسعة لم تكن جنوده تكفي لحمايتها ثم اجتمعت الفرس على ابنة كسرى واسمها: دخت زنان لكنها ما لبثت أن خلعت وتولى الملك سابور بن شهر براز إلا أنه قتل وملكت آزرمي دخت وهذا الخلاف والغدر أديا إلى إضعاف السلطة الحاكمة في فارس ولم يكن هناك ما يخشاه المثنى كثيرا ولكنه على كل حال كان في حاجة إلى حماية الحدود كما قلنا، فكتب إلى أبي بكر يستمده ويستأذنه في الاستعانة بمن حسنت توبته من المرتدين لأنهم أنشط في القتال من غيرهم، فلما أبطأ خبر أبي بكر على المثنى استخلف على المسلمين بشير بن الخصاصية وسار إلى المدينة إلى أبي بكر فلما قدم المدينة وجد أبا بكر مريضا فاستدعى أبو بكر عمر وقال له:
إني لأرجو أن أموت يومي هذا - وذلك يوم الاثنين - وإذا مت فلا تمسين حتى تندب الناس مع
١- البداية والنهاية: ٧/١٧.
٢- الثقات: ٣/١٤، تهذيب التهذيب: ٧/٨٢، تقريب التهذيب: ١/٣٨٠، تهذيب الكمال: ١٩/٢٨٣، الإكمال للحسنين: ١/٩١، الاستيعاب: ١/١٣٢، الإصابة: ١/٤٤، الطبقات الكبرى: ٣/٢٧٥،