للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وفاة أبي بكر الصديق ضي الله عنه ٢٢ جمادى الآخرة سنة ١٣هـ "٢٣ آب أغسطس سنة ٦٣٤م"]

...

وفاة أبي بكر الصديق١ رضي الله عنه ٢٢ جمادى الآخرة سنة ١٣هـ "٢٣ آب أغسطس سنة ٦٣٤م"

توفي أبو بكر رضي الله عنه لثمان بقين من جمادى الآخرة ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء وهو ابن ثلاث وستين سنة وكان قد سمه اليهود في أرز وقيل في حريرة وهي الحساء فأكل هو والحارث بن كلدة وقال لأبي بكر: أكلنا طعاما مسموما سم سنة فماتا بعده بسنة وقيل: إنه اغتسل وكان يوما باردا فحم خمسة عشر يوما لا يخرج إلى الصلاة فأمر عمر أن يصلي بالناس.

ولما مرض قال له الناس: ألا ندعو الطبيب؟ فقال: أتاني وقال لي: أنا فاعل ما أريد فعلموا مراده وسكتوا عنه ثم مات.

وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس وابنه عبد الرحمن وأن يكفن في ثوبيه ويشتري معهما ثوب ثالث، وقال: الحي أحوج إلى الجديد من الميت إنما هو للمهلة والصديد، غسلت أبا بكر زوجته أسماء ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت إني صائمة وهذا يوم شديد البرد فهل علي غسل؟ قالوا: لا، وقد روي أنه اغتسل في يوم بارد فحم فمن ذلك يتبين: أن الجو كان باردا في هذه الأيام فإنه حم بسبب استحمامه في يوم بارد، كذلك غسل في يوم بارد لذلك نرجح أن سبب وفاته: كان تأثره بالبرد لا بسبب السم الذي قيل إن اليهود دسوه له في الحساء لأن حادثة السم المزعومة كانت قبل وفاته بسنة، ودفن ليلة وفاته وصلى عليه عمر بن الخطاب وكبر عليه أربعا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين القبر والمنبر ودخل قبره ابنه عبد الرحمن وعمر وعثمان وطلحة وجعل رأسه عند كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وألصقوا لحده بلحد النبي صلى الله عليه وسلم وجعل قبره مثل قبره مسطحا وناحت عليه عائشة والنساء فنهاهن عن البكاء عمر فأبين فقال لهشام بن الوليد: ادخل فأخرج علي ابنة أبي قحافة، فأخرج إليه أم فروة بنت أبي قحافة أخت أبي بكر فعلاها بالدرة٢ ضربات فتفرق النوح حين سمعن ذلك، وكان آخر ما تكلم به: توفني مسلما وألحقني بالصالحين وكانت عائشة رضي الله عنها تمرضه.

أبو بكر يستشير أصحابه في عمر٣

عقد أبو بكر في مرضه الذي توفي فيه لعمر بن الخطاب عقد الخلافة من بعده ولما أراد العقد له دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال: أخبرني عن عمر، فقال يا خليفة رسول الله: هو والله أفضل من رأيك فيه من رجل ولكن فيه غلظة، فقال أبو بكر: ذلك لأنه يراني رقيقا ولو أفضى الأمر إليه لترك


١- تاريخ الطبري: ٢/٣٤٤، المنتظم: ٤/١٢٤.
٢- الدرة: السوط يضرب به السلطان.
٣- تاريخ الطبري: ٢/٣٥٥، الرياض النضرة: ٢/٢٤٢، تاريخ الخلفاء: ص٨٢، الطبقات الكبرى: ٣/١٩٩، المنتظم: ٤/١٢٥.

<<  <   >  >>