للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لابنه أن يعدل عن ذلك الطريق، وأن يسلك ما يسلك الجمهور والسواد الأعظم من الناس وشيوخهم وآبائهم.

١٢ ٠- فلم يقبل الشيخ نصح والده، بل رده عليه مبينا له أن النصيحة الخالصة هي أن يقوم معه بإعلان كلمة التوحيد خالصة، وأن يعملا معا على غسلها مما علق بها من تلك الخرافات ليعرف الناس حقيقتها، وتذوق قلوبهم حلاوتها فيعبدوا ربهم وحده {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: ٥]

١٢١ - وقامت المنازعات، والخصومات الكلامية بين الشيخ محمد وبين أهل العلم في حريملاء، فكانت كالزند يقدح عليها شرر الدعوة فيشتعل، كالريح ينفخ في ضرامها فيشتعل، ويمتد نوره قليلا قليلا، وهكذا كلما كانت الدعوة عنيفة في حكمة، وأغرت خصومها بمناهضتها بالمجادلات والمنازعات حتى تكون شغل الناس، وحديثهم في مجالسهم، كان ذلك أعون على انتشارها وأجدى عليها بكثرة الأنصار والأتباع، فإن ذلك يلفت الأنظار التي كانت محرومة من نور هذه الآيات، ويفتح القلوب المغلقة فتفهمها، وهذا كان في الحريملاء، فإن الشيخ لم يلبث أن ذكر اسمه، والتفَّ حوله أنصار يقولون بقوله ويؤيدون دعوته، ويذهبون في التوحيد مذهبه، ووقف والده منه موقف الحياد، فلا هو من أنصاره وحزبه، ولا هو من أعدائه ومناوئيه. حتى مات سنة ١١٥٣ رحمه الله.

١٢٢ - جلس الشيخ محمد بن عبد الوهاب في حلقة أبيه، وحلَّ من نفوس أهل البلد ما كان يَحُلُّ أبوه، وارتفع مكانه عندهم، فانتهزها فرصة هيأها

<<  <   >  >>