للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١٢٦ - فخرج من الحريملاء، وذهب ناجيا بنفسه إلى العيينة مسقط رأسه، ووطنه الأصلي، علَّه يلقى فيها من الأمن على حياته، والعون على تبليغ دعوته مالم يجده في حريملاء، وكان رئيسها يومئذ: عثمان بن معمر.

١٢٧ - فما كاد يحطُّ رحله بها حتى أعلن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقرير التوحيد الصحيح، والدعاء إلى هدم القباب وقطع الأشجار المعظمة فيها، وأخذ يحرض الناس عليها ويغريهم بها، حتى اجتمع عليه ناس كثير، فبعث سرا من هدم بعضها على جُعل من المال،

١٢٨ - وفي البلدة شجرة هي أعظم هذه الأشجار تدعى شجرة الذئب، يؤمها العوانس لطلب الزوج الحبيب خرج إليها بنفسه، فوجد عندها راعي غنم أراد منعه والتشويش عليه فاشترى سكوته ببعض ثيابه خلعها عليه ليخلِّي بينه وبينها، فقطعها، وأصبح الناس وقد طاحت بالشجرة المعظمة المحترمة فأس الشيخ، فأخذهم من الدهش لذلك والفزع شيء كثير، فاشتهر أمره عند الناس وزاد أتباعه.

١٢٩ - وكان بقرب بلدة جُبيلة قُبة عظيمة، ينسبونها لزيد بن الخطاب، ويحتفلون لها الاحتفال العظيم، ويعلقون عليها الأستار الغالية، ويجلبون إليها النذور من طعام وأنعام، من قصى البلاد ودانيها فعمل الشيخ على هدمها ودبر الحيلة لذلك، وأفضى بما في نفسه إلى عثمان بن معمر قائلا له: دعنا نهدم هذه القبة التي وضعت على الباطل؟ وضل بها الناس عن الهدى، فقال له: دونكها فاهدمها، فقال: الشيخ نخشى أن يخرج علينا أهل الجبيلة، فلا بد أن تكون معي، فخرج عثمان معه في ستمائة رجل بالسلاح، فحين قربوا

<<  <   >  >>