للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيجتهدون في الطاعة بحسب الإمكان كما قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ١, ويعلمون أن الله بعث محمدا بصلاح العباد, فإذا اجتمع صلاح وفساد رجحوا الراجح منهما, وقل من خرج على دين سلطان إلا كان ما تولد عن فعله من الشر أعظم من الخير, فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا, وإنكار فيهم خلق من أهل العلم والدين, وهذا مما يبين , أن ما أمر به صلى الله عليه وسلم من الصبر على جور الأئمة هو الأصلح, فالشارع أمر كلا بما هو أصلح له للمسلمين , فأمر الولاة بالعدل والنصح لرعيتهم, وأمر بالصبر على استيثار ومنازعتهم الأمر والفتن في كل زمان بحسب رجاله, والفتنة تمنع معرفة الحق وقصده والقدرة عليه, ففيها من الشبهات ما يلبس الحق بالباطل, حتى لا يتميز لكثير من الناس, ومن الشهوات ما يمنع قصد الحق, ومن قوة الشر ما يضعف القدرة على الخير, ولهذا يقال: "فتنة عمياء صما"٢ اهـ. عياذا بالله.

وهكذا ... فإن جميع ما سبق ذكره من الأمر بسرية الإنكار على ولي الأمر وترك الإنكار العلني عليه والسمع والطاعة له والصبر على ظلمه وعدم الخروج عليه, ما هي إلا جزئيات للقاعدة الكلية التي قررها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الحسبة, وقعدها من قبله أهل العلم المعتبرون بترك إنكار المنكر إن كان مؤديا إلى منكر أكبر منه.

وما ذلك إلا حماية من الشارع الحكيم للأمة الإسلامية من كافة عوارض التمزق والفتن.


١-جزء من الآية ١٦ من سورة التغابن.
٢-مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب- ملحق المصنفات ص ٥٠ المسألة رقم ٧٣ من المسائل التي لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية.

<<  <   >  >>