للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا تدبرت هذا عرفت أن إنكار ابن عيدان وصاحبه على الخطيب الكلام في هذا عين لصواب, وقد اتبعا في ذلك إمامهما أحمد بن حنبل وغيره في إنكارهم ذلك على المبتدعة, ففهم صاحبكم أنهما يريدان إثبات ضد ذلك وأن الله جسم وكذا وكذا تعالى الله عن ذلك, وظن أيضا أن عقيدة أهل السنة هي نفي انه لا جسم, ولا جوهر, ولا كذا ولا كذا, وقد تبين لكم الصواب أن عقيدة أهل السنة هي السكوت, ومن أثبت بدعوه, ومن نفى بدعوه, فالذي يقول ليس بجسم ولا ... ولا ... هم الجهمية والمعتزلة, والذين يثبتون ذلك هو هشام وأصحابه, والسلف بريئون من الجميع من أثبت بدَّعوه, ومن نفى بدعوه, فالمويس لم يفهم كلام الأحياء ولا كلام الأموات, وجعل النفي الذي هو مذهب الجهمية والمعتزلة مذهب السلف, , وظن أن من أنكر النفي أنه يريد الإثبات كهشام وأتباعه, ولكن أعجب من ذلك استدلاله على ما فهم بكلام أحمد المتقدم ومن كلام أبو١ الوفا ابن عقيل ٢ قال: أنا أقطع أن أبا بكر وعمر ماتا ما عرفا الجوهر والعرض, فإن رأيت أن طريقة أبي علي الجبائي٣ وأبي هاشم خير لك من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت انتهى, وصاحبكم يدعي أن الرجل لا يكون من أهل السنة حتى يتبع أبا علي وأبا هاشم بنفي الجوهر, والعرض, فإن أنكر الكلام فيها مثل


١-الصواب أن يقول أبي.
٢-علي بن عقيل بن محمد أبو الوفاء الظفري الحنبلي أحد الأعلام وفرد زمانه علما ونقلا وذكاء وتفننا, خالف السلف ووافق المعتزلة في عدة بدع ثم أشهد على نفسه انه تاب عن ذلك وصحت توبته ثم صنف في الرد عليهم, وقد أثنى عليه أهل عصره ومن بعدهم, كان مولده سنة ثلاثين وأربع مائة أو بعدها بسنة, ومات في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وخمس مائة. " لسان الميزان ٤/٢٤٣" للحافظ ابن حجر العسقلاني- ن مؤسسة الأعلمي- بيروت- لبنان- ط/٢"١٣٩٠هـ-١٩٧١م".
٣-محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي أبو علي- من أئمة المعتزلة ورئيس علماء الكلام فيعصره, وإليه نسبة الطائفة " الجبائية" اشتهر في البصرة ولد عام ٢٣٥هـ- ٨٤٩م, وتوفي عام ٣٠٣هـ-٩١٦م, ودفن بجبى, الأعلام ٦/٢٥٦.

<<  <   >  >>