للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى يُعرَّف، وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه فإنَّ حجة الله هو القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة، ولكن أصل الإشكال أنَّكم لم تفرقوا بين قيام الحجة وبين فهم الحجة، فإنَّ أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} ١ وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع آخر وقد قامت عليهم وفهمهم إياها نوع آخر وكفرهم ببلوغها إياهم وإن لم يفهموها] ٢ ا. هـ.

وحول هذه المسألة وردت فتوى للجنة الدائمة للبحوث العلمية إجابة على السؤال التالي:

هل كل من أتى بعمل من أعمال الكفر أو الشرك علما بأنَّه أتى بهذا الشيء جاهلاً هل يعذر بجهله أم لا؟ وما هي الأدلة بالعذر أو عدم العذر؟

ونصها: (لا يعذر المكلف بعبادته غير الله أو تقربه بالذبائح لغير الله أو نذره لغير الله ونحو ذلك من العبادات التي هي من اختصاص الله إلاَّ إذا كان في بلاد غير إسلامية ولم تبلغه الدعوة فيعذر لعدم البلاغ لا مجرد الجهل لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلاَّ كان من أصحاب النار" ٣ فلم يَعذر النبي صلى الله عليه وسلم من سمع، ومن يعيش في بلاد


١ سورة الفرقان آية ٤٤.
٢ الرسائل الشخصية- الرسالة السادسة والثلاثون ص ٢٤٤، والدرر السنية في الأجوبة النجدية ٨/٩٠.
٣ نصه في صحيح مسلم: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلاَّ كان من أصحاب النار" ك: الإيمان- ب: وجوب الإيمان برسالة نبينا ... ح: ٢٤٠- ١/١٣٤.

<<  <   >  >>