للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشخصية على الاستنباط، وسعة الاطلاع على آراء واستنباط الآخرين، والإفادة منهما.

فمثلًا حديث ابن عمر في الرخصة في استقبال القبلة ببول أو غائط، قد أخرجه الترمذي وغيره بلفظ: أن ابن عمر قال: "رَقِيتُ يومًا على بيت حفصة" الحديث.

فلم يتعرض ابن العربي ولا المؤلف لما يستفاد من إضافة ابن عمر -رضي الله عنهما- البيت إلى حفصة مع كونه ملكًا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- في حين تعرض له الحافظ ابن حجر في الفتح وأجاب عن ذلك بأجوبة (١)، أما البخاري فإنه بما عُرف عنه من دقة الاستنباط للأحكام من خلال تراجمه على الأحاديث في الصحيح، قد أخرج الحديث في موضع دلالته الظاهرة، وذلك في كتاب الوضوء، وبوب عليه بقوله: "باب من تبرز على لَبِنَتِينْ" (٢) ثم أخرج الحديث مرة أخرى بنفس اللفظ في كتاب "فرض الخمس" تحت "باب ما جاء في بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما نُسِب من البيوت إليهن" (٣) وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى وجه ذكر البخاري للحديث تحت هذه الترجمة فقال: إن ابن عمر حيث أضاف البيت إلى حفصة كان باعتبار أنه البيت الذي أسكنها -صلى الله عليه وسلم- فيه، واستمر في يدها إلى أن ماتت فورِث عنها، ثم قال: وسيأتي انتزاع المصنف -يعني البخاري- لذلك من هذا الحديث في كتاب الخمس إن شاء الله (٤) وقال ابن المُنير في بيان غرض البخاري بترجمة نسبة البيوت إلى أزواج الرسول -صلى الله عليه وسلم- والتي أعاد إخراج الحديث تحتها: غرضه بهذه الترجمة أن يُبين أن هذه النسبة تحقق دوام استحقاقهن للبيوت ما بَقِين؛ لأن نفقتهن وسكناهن من خصائص النبي-صلى الله عليه وسلم- والسر فيه، حَبسُهن عليه (٥).


(١) الفتح ١/ ٢٤٧.
(٢) البخاري مع الفتح ١/ ٢٤٦.
(٣) البخاري مع الفتح ٦/ ٢١٠.
(٤) الفتح ١/ ٢٤٧.
(٥) الفتح ٦/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>