أهمية تحقيق كُتب السنة عمومًا، وتحقيق هذا الشرح خصوصًا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين، ورحمة الله للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
... وبعد:
فإن تحقيق وضبط نصوص السنة سندًا ومتنًا، هو أساس العناية بها، وطريق الإفادة منها منذ فجر الإسلام؛ حيث قام الصحابة رضوان الله عليهم، ثم من جاء بعدهم بالجمع بين حفظ السنة وضبطها في الصدور، وبين كتابتها وضبطها في المسطور، مع الحرص على صيانة المكتوب عن الدس فيه، وعن تطرق الدخيل إليه.
ونقل اللاحقون من الأصول الخطية للسابقين نسخًا فرعية، وقابلوها بأصولها المنقولة عنها، وبغيرها، وصار لهم في ذلك أعراف واصطلاحات يعمل بها للتحقق من صحة الفرع، ومطابقته للأصل، مع تصويبهم لما يوجد في صلب النص من خطأ أو مَحْوِهم له، وتداركهم للسقط، وتوضيحهم في الحواشي لفروق النسخ، وللغامض -في نظرهم- من النص.
وعلى ضوء ذلك تحملوا الثابت المحقق ثم أدوه لمن بعدهم موثقًا بطرق التحمل المعتبرة، فكان ذلك إحياء وحفظًا للسنة ونشرًا لها في كل جيل، وصقع وقبيل، وواكبه إرساء قواعد واصطلاحات للمحدثين في كتابة الحديث وضبطه، وكانت وما زالت تمثل أصول وقواعد تحقيق النصوص عمومًا ونشرها.