للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا يتجلى لنا من خلال تلك الشهادات والألقاب والأوصاف، تكامل جوانب شخصية المؤلف العلمية، وتعدد نشاطه العلمي والحَدِيثي وتنوعه بين رواية ودراية وتصنيف وتخريج، مع الجودة والإِتقان، كما يتجلى لنا تمتعه -رحمه الله- بمكانة علمية لائقة بين حفاظ الحديث في عصره، وعلمائه المنتجين في مجالاته المتعددة.

[١٣ - وظائفه العلمية، وآثارها في خدمة السنة]

تولى أبو الفتح ابن سيد الناس عدة وظائف، غالبها في تدريس الحديث وعلومه، وبيانها كالتالي:

(أ) وظيفة الإِعادة:

وهذه أولى وظائفه العلمية، وقد تولاها بمدرسة الحديث الكاملية بالقاهرة حيث كان شيخه تقي الدين ابن دقيق العيد شيخ الحديث ومدرسه بتلك المدرسة، فولَّاه الإِعادة بها (١). عنده كما تقدم، وهذه وظيفة جامعية في عصرنا هذا، يجمع الطالب فيها بين التلمذة على شيخه للاستزادة بعلمه، وبين مباشرة التدريس لغيره تحت إشراف شيخه، حتى يتمرس بالعمل العلمي، ويتعود مواجهة طلابه وإفادتهم، ثم يراجع شيخه فيما أشكل عليه.

(ب) مشيخة الحديث بالمدرسة الظاهرية بالقاهرة (٢):

وقد ذكر التاج ابن السبكي تَولِّي المؤلف لها، فقال: ولما شَغرت مشيخة الحديث بالظاهرية بالقاهرة، وليها الشيخ الوالد -يعني والده تقي الدين علي بن عبد الكافي- ودرس بها، فسعى فيها الشيخ فتح الدين، وساعده نائب السلطنة إذ ذاك، ثم لم يتجاسروا على الشيخ -يعني والده- فأرسل الشيخ فتح الدين إلى الشيخ يقول له: أنت تصلح لكل منصب، في كل علم، وأنا إن


(١) طبقات الشافعية ٢/ ٣٠٠ والدرر الكامنة ٤/ ٣٣١.
(٢) هذه المدرسة من أجَلّ مدارس القاهرة وتسمى الظاهرية نسبة إلى منشئها الملك الظاهر بيبرس البندقداري، وفرغ منها سنة ٦٦٢ هـ/ خطط المقريزي ٢/ ٣٧٨، ٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>