وإيمانًا مني بهذه الأهمية والأصالة لتحقيق نصوص السنة وعلومها، اتجهت -بعد الاستخارة- إلى تحقيق ما تيسر لي من هذا الكتاب، مع التعليق عليه بما رأيت أنه يخدم النص، ويساعد على فهمه والاستفادة منه بإذن الله.
كما كان اختياري لهذا الشرح دون غيره، لما بدا لي من أهمية خاصة له أُجمِلُها في الآتي:
١ - إِن هذا من شروح أحد الكتب الستة المشهورة، التي هي: الصحيحان وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ولم أقف حتى الآن على شرح من شروح تلك الكتب -فضلًا عن غيرها- محققًا تحقيقًا علميًا، حيث إن كل المطبوع بين أيدينا -رغم؛ فائدته الكبرى- مصحح فقط على بعض نسخه الخطية، ومعظم التصحيح، إِن لم يكن كله، بواسطة غير المختصِّين، وكثيرًا ما يضن الطابعون لتلك الشروح بذكر النسخة أو النسخ الخطية التي اعتُمدَتْ قي الطبع حتى يمكننا تحديد درجة الوثوق بتلك الطبعة، ومراجعة أصلها عند الحاجة.
٢ - إن مؤلف هذا الشرح معدود من حفاظ الحديث الذين يعول عليهم، كما سيأتي في التعريف به، وقد صار كثير من آرائه التي أودعها في شرحه هذا، محورًا دارت حوله مناقشات وآراء من جاء بعده، وخاصة ما جاء في مقدمته الثانية لهذا الشرح من المسائل والقواعد المتعلقة بمصطلح الحديث وقواعده عند الترمذي وعند غيره، ويمكن التحقق من ذلك بمراجعة تلك المقدمة مع تعليقي عليها.
٣ - إن هذا الشرح يمثل في عمومه رأس حلقة من حلقات شروح الترمذي بين من تقدم وبين من تاخر من شراحه، كما سيأتي تفصيله، وتلك الحلقة بعضها مفتقد، وإن وجدت بعض نسخه الخطية، وبعضها مفقود حتى الآن.
فلعل تحقيق ونشر ما وُجد من هذا الشرح ينبه أذهان المختصين بعلوم السنة، والغيورين عليها إلى الشروع في تحقيق الموجود من تلك الحلقة،