وإلى البحث الدائب عن المفقود منها، ثم إحياء ما يوجد، بالتحقيق والنشر.
٤ - وأيضًا فإن تحقيق هذا الشرح ونشره يبين عمليًا الفارق العلمي الكبير بين تحقيق نصوص الشروح، وبين تصحيحها فقط دون توثيق أو تعليق.
وصلتي بهذا الشرح لابن سيد الناس، وبتكملته للحافظ زين الدين العراقي (ت ٨٠٦ هـ) وما يتعلق بهما من بحوث، كل ذلك يرجع إلى أزيد من خمس عشرة سنة ماضية، عندما كنت أُعِدُّ رسالتي للعالمية (الدكتوراه) بكلية أصول الدين -جامعة الأزهر- في موضوع (الحافظ العراقي وأثره في علوم السنة)، فقد وقفت حينذاك على مجلد وحيد بدار الكتب المصرية من تكملته لهذا الشرح (١)، وهو من مسودة العراقي بخطه، كما يظهر ذلك خلاله بوضوح، ورغم صعوبة قراءة المسوَّدات عمومًا، فإني قد قرأت المجلد بأكمله، كما أن ظروف حرب مصر مع إسرائيل آنذاك قد اقتضت نقل كل المخطوطات إلى مستودعات حصينة لحفظها من أي عدوان مفاجئ، ومُنِع الاطلاع عليها لأجل غير مسمى، فاضطررت خلال فترة الإِنذار بالمنع إلى نسخ معظم هذا المجلد بيدي، واستكمال نسخ الباقي بواسطة بعض إخواني الأفاضل، مع مراجعتي، وقد كان ذلك مما نبهني إلى قيمة تكملة العراقي هذه بالنسبة إلى المتداول من شروح الترمذي حاليًا، ونبهني أيضًا إلى ضرورة البحث عن أول الشرح الذي أنجزه ابن سيد الناس، قبل تكملة العراقي، وكذا البحث عن باقي المجلدات التي لا توجد في القاهرة من تكملة العراقي.
وقد تبين لي بالبحث في فهارس المخطوطات أن أكبر قدر من نُسخ هذا الشرح لابن سيد الناس، وتكملته للعراقي موجود في مكتبات تركيا والمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، وبمعونة صادقة من بعض زملائي الذي كان يعمل آنذاك بالسعودية، حصلت على صورة ميكروفيلمية للموجود بالمكتبة المحمودية،