للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناقضة أو بيَّنها، فقمت بذلك من جانبي في التعليق على الشرح في الموضع الأول.

وأما تصريحه المتكرر بأن الترمذي لم يَسبِقْه أحد إلى مراده بالحديث الحسن، فقد خالفه فيه غير واحد من علماء المصطلح، مع اشتغالهم بشرح جامع الترمذي أيضًا، وهم: ابن رجب الحنبلي وهو معاصر للمؤلف، ثم الحافظ العراقي، ثم الحافظ ابن حجر العسقلاني، ثم تلميذه السخاوي، وبناء على ما قرروه بالأدلة، رددتُ عليه في ذلك (١).

ومما بدا لي انتقاده على المؤلف في هذا الشرح: أنه بعد تقرير أن الحديث الصحيح ليس بحسن، ولا ضعيف، كما أن الحسن ليس بواحد منهما، قال: "ومن هنا أُورِدَ على الترمذي جمعُه بين الحُسْن والصحة في حديث واحد" ثم ساق خمسة أجوبة عن الترمذي في ذلك ووصف أربعة منها بأنها مرغوب عنها، ثم ختم بالجواب الخامس، فقال: والجواب: أن الحُكم لِلَفْظة (حَسن) إنما هو إذا انفردت، ومعلوم حينئذ أنها جاءت على الوضع الاصطلاحي، لتفيد ما تقرر من المراد، أما إذا جاءت تبعًا للصحيح، فالحكم للصحيح، وليس ذلك المعنى الوضعي مرادًا منها، ولا منافاة حينئذ، كما لو قُلْتَ: حديث صحيح معروف، أو مشهور صحيح، لم تكن تلك الزيادة على الوصف بالصحة مما يحط الحديث عن مرتبته، وإن كانت قاصرة على الوصف بالصحة إذا انفردت، وليس وَضْعُ الحسن على هذا النوع من الحديث مما تَقدم الترمذيَّ وضعُه، حتى يُشاحَح في إطلاقه، ويُطلَب منه اطراد اسمه منفردًا ومقترنًا بالصحة" ... الخ (٢).

وقد أقر المؤلف هذا الجواب، حيث لم يتعقبه بشيء، في حين تعقب الأربعة التي ساقها قبله، ولم أجد من العلماء من رد عليه هذا الجواب، أو ناقشه في حيثياته وأدلته.

ولكن بدا لي أنه جواب غير مُسلَّم به؛ حيث يَرِدُ عليه في تقديري، وعلى


(١) انظر الشرح/ ق ٧ أمع التعليق، وفح المغيث للسخاوي ١/ ٦٩، ٧٢.
(٢) الشرح/ ق ١٠ أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>