(١) يقال "سَبَر الشيء سَبْرًا" بمعنى: اعتبره، ونظر فيه، وقاس غَورَه واختبره ليعرف ما فيه، أو ما عنده/ المعجم الوسيط - مادة "سبر" ٣/ ٤١١ والنهاية ٢/ ٣٣٣، ومراد ابن حبان هنا داخل في تلك المعاني للسبر، وقد قرر في غير هذا الموضع: أنه "لا يجوز أن يحكم على مسلم بالجرح، وأنه ليس بعدل، إلا بعد السبر"/ المجروحين ٢/ ١٢٠ ط الهند ترجمة: عمران بن مسلم القصير ومعنى ذلك أنه يعتبر السبر هو الوسيلة المشروعة لكشف حال الراواي، وبالتالي حال حديثه، قبولًا أو ردًا. ولا بد من التنبه إلى أن تلك الوسيلة لا يتأهل لها إلا الأئمة النقاد في كل عصر، كالبخاري وأحمد وابن معين، وابن حبان كما تراه هنا وغيرهم. والذي يَلحَظُه مَن يُطالع تراثهم العظيم الذي ننهل جميعًا منه أن الثقة المتبادلة بينهم كانت تجعل بعضهم يعتمد على سبر الآخر، فيأخذ بما انتهى إليه في حال الراوي، ما لم يظهر له خلافه، ولذا نجد أن ابن حبان في كتابه المجروحين مثلًا، ينبه على قيامه بنفسه بسبر مرويات الشخص عندما يرى غيره من العلماء قد اختلفوا فيه جرحًا وتعديلًا سواء من ناحية العدالة أو الضبط، وقد ظهر هذا في ترجمته لابن لهيعة، حيث بدأ بذكر بعض الآراء المختلفة فيه، ثم قرر أنه قام بعملية السبر لمروياته، بمعنى أنه نظر في أحاديثه التي وقف عليها ليعرف ما فيها من خطأ وصواب، فاعتبرها بالمقارنة برواية الثقات لنفس الأحاديث، فظهر له =