للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقدَّم الخبر على الاسم؛ نحو: "ما قائم زيد" لضعفها في العمل؛ فألزمت طريقة واحدة، وأما قول الشاعر١: [البسيط]

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ... إذ هم قريش وإذ ما مثلَهُم بشرُ

فمن النحويين من قال: هو منصوب على الحال؛ لأن التقدير فيه: وإذ ما بشرٌ مثلَهُم، فلما قدم مثلهم الذي هو صفة النكرة، انتصب على الحال؛ لأن صفة النكرة إذا تقدمت، انتصبت على الحال؛ كقول الشاعر٢: [مجزوء الوافر]

لِمَيَّةَ موحشًا طللُ ... يَلوحُ كَأَنَّه خِلَلُ٣

/و/٤ التقدير فيه: طَلَلٌ مُوحشٌ؛ وكقول الآخر٥: [البسيط]

والصالحات عليها مُغْلَقًا باب

والتقدير فيه: باب مغلق؛ إلا أنه لما قدم الصفة على النكرة٦، نصبها على الحال؛ ومنهم من قال: هو منصوب على الظرف؛ لأن قوله: ما مثلهم بشر، في معنى: "فوقهم"؛ ومنهم من حمله على الغلط؛ لأن ٧ هذا البيت للفرزدق، وكان تميميًّا، وليس من /لغته/٨ إعمال "ما" سواء تقدم الخبر، أو تأخر، فلمَّا استعمل لغة غيره غلط، فظن أنها تعمل مع تقدم الخبر، كما تعمل مع تأخره، فلم يكن في ذلك حجة؛ ومنهم من قال: إنها لغة لبعض العرب، وهي لغة قليلة، لا يعتدّ بها؛ فاعرفه تصب، إن شاء الله تعالى.


١ الشاعر: الفرزدق، وقد سبقت ترجمته.
وقد أوضح المؤلف في المتن مراده من ذكر الشاهد بما يغني عن الإعادة.
٢ الشاعر هو: كثير بن عبد الرحمن، المعروف بكثير عزة، وقد سبقت ترجمته.
٣ المفردات الغريبة: الطلل: ما بقي شاخصًا من آثار الديار. الخِلَل: جمع خِلَّة، وهي بطانة تُغشى بها أجفان السيوف.
موطن الشاهد: "موحشًا طلل".
وجه الاستشهاد: تقدمت الصفة على الموصوف النكرة؛ فانتصبت على الحال وفق القاعدة.
٤ زيادة من "س".
٥ لم ينسب إلى قائل معين.
موطن الشاهد: "مغلقًا بابُ".
وجه الاستشهاد: تقدمت الصفة على الموصوف النكرة "باب" فانتصبت على الحال، كما في الشاهد السابق.
٦ في "س" صفة النكرة نصبها؛ وكلاهما صحيح.
٧ في "س" فإن.
٨ في "ط" لفظة؛ والأفضل ما أثبتنا من "س".

<<  <   >  >>