للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب السابع والثلاثون: باب "لا"]

...

الفصل السابع والثلاثون: باب "لا"

[علة بناء النكرة مع لا على الفتح]

إن قال قائل: لِمَ بنيت النكرة مع "لا" على الفتح، نحو "لا رجل في الدار"؟ قيل: إنما بُنيت مع "لا" لأن التقدير في قولك: "لا رجل في الدار: لا من رجل في الدَّار"؛ لأنه جوابُ قائل قال: "هل من رجل في الدار؟ فلما حُذفت من اللفظ، وركبت مع "لا" تضمَّنت معنى الحرف؛ فوجب أن تُبنى، وإنما بُنيت على حركة؛ لأن لها حالة تمكن قبل البناء، وإنما كانت الحركة فتحة؛ لأنها أخف الحركات. وذهب بعض النحويين إلى أن هذه الحركة حركة إعراب، لا حركة بناء؛ لأن "لا" تعمل النصب إجماعًا١؛ لأنها نقيضة "إن" لأن "لا" للنفي، و"إنَّ" للإثبات، وهم يحملون الشيء على ضده كما يحملونه على نظيره، ألا ترى أن "لا" لَمَّا كانت فرعًا على "إنَّ" في العمل، و"إن" تنصب مع التنوين، نصبت "لا" بغير تنوين؛ لينحطَّ الفرع عن درجة الأصل؟ إذ الفروع تنحطُّ عن درجات الأصول أبدًا؛ وهذا -عندي- فاسد؛ لأنه لو كان مُعربًا؛ لوجب ألا يحذف منه التنوين؛ لأنه التنوين ليس من عمل "إنَّ" وإنما هو شيء يستحقه الاسم في أصله، وإذا لم يكن من عمل "إنَّ" فلا معنى لحذفه مع "لا" لينحط الفرع عن درجة الأصل؛ لأن الفرع إنما ينحط عن درجة الأصل في ما كان من عمل الأصل، وإذا لم يكن التنوين من عمل الأصل؛ وجب أن يكون ثابتًا مع الفرع، ثُمَّ انحطاطها عن درجة "إِنَّ" قد ظهر في أربعة مواضع٢.

الأول: أنَّ "إنَّ" تعمل في المعرفة والنكرة و"لا" لا تعمل إلا في النكرة خاصة.

والثاني: أن "إنَّ" لا تركَّب مع اسمها لقوتها، و"لا" تركب مع اسمها لضعفها.


١ في "س" بالإجماع.
٢ في "س" أشياء.

<<  <   >  >>