للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبله حائل؛ نحو: "لي مثله غلامًا، ولله دره رجلاً" فإن الهاء منعت الاسم بعدها أن ينجر بإضافة ما قبلها إليه، كالفاعل الذي يمنع المفعول من الرفع، فنصب على التمييز لما ذكرناه.

[علة كون التمييز نكرة]

فإن قيل: فَلِمَ وجب أن يكون التمييز نكرة؟ قيل: لأنه يبين ما قبله، كما أن الحال يُبين ما قبله، ولَمّا١ أشبه الحال، وجب أن يكون نكرةً، كما أن الحال نكرة؛ فأما قول الشاعر٢: [الخفيف]

ولقد أَغْتَدِي وَمَا صَقَع الدِّيـ ... ـكُ على أَدْهَمَ أجشّ الصَّهيلا٣

وقال الآخر٤: [الوافر]

[ونأخذ بعده بذناب عيش] ... أَجَبَّ الظَّهرَ لَيسَ لَه سِنَامُ ٥

فبنصب "الصهيل، والظهر" والصحيح: أنه منصوب على التشبيه بالمفعول، كالضارب الرجل؛ فاعرفه تصب، إن شاء الله تعالى.


١ في "س" تبين ما قبلها، فلمّا.
٢ لم يُنسب إلى قائل مُعيَّن.
٣ المفردات الغريبة: أغتدي: أُبكِّر. صقع الدِّيك: صاح. الأَدهم: الأَسود من الخيل أو الإبل. أجش الصهيلا: خشن الصوت.
موطن الشاهد: "أجشّ الصَّهيلا".
وجه الاستشهاد: انتصاب "الصَّهيلا" بالصفة المشبهة باسم الفاعل "أجشّ" ولَمّا كان معمول الصفة الصهيلا مُقترنًا بـ "أل" استدل الكوفيون على جواز انتصاب كل من المعرفة والنكرة بعد أفعل على التمييز.
٤ الشاعر هو: النابغة الذبياني، أبو ثُمامة، أو أُمامة، زياد بن معاوية بن ضباب الذّبياني الغطفاني، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى. عاش في الحجاز، وكان يحكم بين الشعراء في سوق عكاظ، وهو أحد أصحاب المعلقات؛ له ديوان شعر مطبوع. مات سنة ١٨ ق. هـ تقريبًا. طبقات فحول الشعراء ٥٦/١، وتجريد الأغاني ١٢٤٤/٣.
٥ المفردات الغريبة: ذناب كُل شيء: مُؤخره. البعير الأجبّ: المقطوع السنام؛ والمراد -هنا- البعر الذي ذاب سنامه من شدة الهُزال.
موطن الشاهد: "أجبّ الظّهرَ".
وجه الاستشهاد: انتصاب "الظهر" على التمييز عند الكوفيين، وعلى التشبيه بالمفعول به للصفة المشبهة -عند البصريين- كما في المثال السابق؛ وفي البيت شواهد أخرى لا داعي لسردها في هذه العُجالة.

<<  <   >  >>