للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعملنا الفعل بتقوية "إلَّا" كان الكلام جملة واحدةً، والكلام متى كان جملة واحدة، كان أولى من تقدير جملتين.

وأما قول الفراء /إنَّ/١ "إلا" مركبة من "إنَّ ولا" فدعوى تفتقر إلى دليل، ولو قدرنا ذلك، فنقول: الحرف إذا رُكب مع حرف آخر تغيَّر عما كان عليه في الأصل قبل التركيب، ألا ترى أن "لو" حرف يمتنع به ٢ الشيءُ؛ لامتناع غيره، فإذا رُكّب٣ مع "ما" تغير ذلك المعنى، وصارت بمعنى "هلَّا"؛ وكذلك -أيضًا- إذا رُكبت مع "لا"؛ كقوله٤: "لولا الكميَّ المقنَّعا"٥، وما أشبه ذلك؛ فكذلك ههنا.

[ارتفاع المستثنى في النفي]

فإن قيل: فبماذا يرتفع. المستثنى في النفي؟ قيل: يرتفع على البدل، ويجوز النصب على أصل الباب.

فإن قيل: فَلِمَ كان البدل أولى؟ قيل: لوجهين:

أحدهما: الموافقة للفظ، فإنه إذا كان المعنى واحدًا /فَكَون/٦ اللفظ موافقًا أولى؛ لأن اختلاف اللفظ يشعر باختلاف المعنى، وإذا اتفقا، كان موافقة اللفظ أولى.

والوجه الثاني: أن البدل يجري في تعلُق العامل به كمجراه لو ولِي العامل، والنصب في الاستثناء على التشبيه بالمفعول، فلما كان البدل أقوى في حكم العامل، كان الرفع أولى من النصب على ما بيّنَّا.


١ سقطت من "ط".
٢ في "س" له.
٣ في "س" وإذا.
٤ القائل: جرير بن عطية، وقد مرَّت ترجمته.
٥ تتمة البيت: [الطويل]
تَعُدُّون عَقْرَ النِّيبِ أَفضلَ مَجْدِكُم ... بَنِي ضَوطرى لولا الكميَّ المقنَّعا
المفردات الغريبة: النِّيب: جمع ناب وهي المسنة من الإبل، وقد كبر نابها. الضَّوطرى: الحمقاء. الكميّ: الشجاع. المقنَّع: الذي عليه مغفر وبيضة وهو مستعد للحرب. والمعنى: تفخرون بعقر النوق، وما الفخر إلا بمنازلة الأبطال في ساحات القتال.
موطن الشاهد: "لولا الكميّ".
وجه الاستشهاد: دخول "لولا" التحضيضية على الاسم، وهي مختصَّة بالفعل، فَجُعِلَ "الكميّ" مفعولاً به لفعل محذوف؛ لأن التقدير: لولا عددتم الكمي المقنعا.
٦ سقطت من "س" وفي "ط" فيكون، وما أثبتناه من نسخة أخرى.

<<  <   >  >>