للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كانت حرفًا، كان ما بعدها مجرورًا /بها/١؛ كقولك: رميت عن القوس وما أشبه ذلك.

[على]

وأمَّا "على" فتكون اسمًا وفعلاً وحرفًا، فإذا كانت اسمًا، دخل عليها حرف الجر، فكانت بمعنى "فوق" وما بعدها مجرورًا بالإضافة؛ كقول الشاعر٢: [الطويل]

غدت من عليه بعد ما تم ظِمؤهَا ... تَصِلُّ وعن قيضٍ بِزَيْزَاءَ مَجهَلِ٣

وقال الآخر٤: [الطويل]

أَتَتْ مِنْ عليه تنقضُ الطَّلَّ بعدما ... رَأت حاجبَ الشَّمسِ استوى فترفَّعا

وقال الآخر٥: [الرجز]

فهي تنوش الحوض نوشًا مِنْ عَلَى ... نَوَشًا بِهِ تقطع أجوازَ الفلا٦

وإذا كانت فعلاً؛ كانت مشتقّة من مصدر، وتدلُ على زمان مخصوص؛ نحو: "علا الجبل يعلو عُلُوًّا، فهو عالٍ"؛ كقولك: "سلا يسلو سُلُوًّا، فهو


١ سقطت من "ط".
٢ الشاعر هو: مزاحم العقيليّ.
٣ المفردات الغريبة: الضمير في "غدت" يعود إلى قطاة يصفها، والضمير في "عليه" يعود إلى فرخها. ظمؤها: مدة صبرها على الماء. تصلّ: تصوّت أحشاؤها لجفافها. قَيض: قشر البيض. الزّيزاء المجهل: المفازة أو البيداء التي لا يهتدي فيها السَّالكون.
موطن الشاهد: "من عليه".
وجه الاستشهاد: وقوع "على" اسمًا بمعنى "فوق"؛ لدخول حرف الجر "من" عليه؛ ومجيئها على هذا النحو كثير شائع.
٤ الشَّاعر هو: يزيد بن الطثريَّة، من بني عامر بن صعصعة؛ كان شاعرًا غزِلاً، حلو الحديث، متلافًا للمال. مات مقتولاً في إحدى المعارك سنة ١٢٧هـ.
والشاهد في البيت مجيء "على" اسمًا، كما في البيت السابق.
٥ الشَّاعر هو: أبو النجم، الفضل بن قدامة العجليّ، من أشهر الرَّجَّازين العرب؛ له ديوان شعر مطبوع. مات سنة ١٣٠هـ.
٦ المفردات الغريبة: تنوش: تتناول. أجواز الفلا: ما ابتعد من المسافات والصَّحارى. ومعنى البيت: يصف الشاعر إبلاً عالية الأجاسم طوال الأعناق، وكيف تتناول الماء من فوق الحوض، وتشرب شربًا مرويًّا يمكنُها من قطع الفلوات والمسافات البعيدة.
والشَّاهد في البيت كالشاهد في البيتين السَّابقين.

<<  <   >  >>