للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باللفظ, وتارةً بالتثنية اعتبارًا بالمعنى؛ قال الله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} ١ فردّ /الضمير/٢ إلى اللفظ فأفرد، ثُمَّ قال الشاعر٣: [الطويل]

كلا أخوينا ذو رجالٍ كأنّهُم ... أسُودُ الشَّرى من كُلِّ أغلبَ ضَيغَمِ٤

وقال الآخر /وهو الفرزدق/٥: [البسيط]

كِلاهُمَا حِينَ جدَّ الجري بينهما ... قد أقلعا وكلا أنفيهما رَاب٦

فردّ إلى اللفظ والمعنى؛ فقال: "أقلعا" اعتبارًا بالمعنى، وقال: "راب" اعتبارًا باللفظ، والذي يدلُ على أنَّ الألف فيهما ليست للتثنية أنها لو كانت للتثنية؛ لانقلبت في النصب والجر إذا أُضيفتا إلى المظهر؛ لأن الأصل هو المظهر؛ تقول: رأيت كلا الرجُلين، ومررت بكلا الرجُلين، ورأيت كلتا المرأتين /ومررت بكلتا المرأتين/٧ فلو كانت للتثنية؛ لوجب أن تنقلب مع المظهر، فلمَّا لم تنقلب، دلَّ على أنها الألف المقصورة، وليست للتثنية.

وذهب الكوفيون إلى أن الألف فيهما للتثنية، واستدلوا على ذلك بقول الشاعر٨: [الزجر]

في كِلتِ رجليها سلامى واحدة ... كلتاهما مقرونة بزائده٩


١ س: ١٨ "الكهف، ن: ٣٣، مك".
٢ سقطت من "س".
٣ لم يُنسب إلى قائل معين.
٤ المفردات الغريبة: الشَّرى: موضع تُنسب إليه الأسود الشرسة. الضَّغم: العض الشديد؛ ومنه سُمي الأسد ضيغمًا.
موطن الشاهد: "كلا أخوينا ذو".
وجه الاستشهاد: إفراد "ذو" في الإخبار عن "كلا" حملاً على اللفظ، وهو الأفضل، والأرجح؛ ولو ثُنَّى "ذو" حملاً على المعنى لجاز.
٥ سقطت من "ط". والفرزدق: سبقت ترجمته.
٦ المفردات الغريبة: كلاهما: الضمير فيها عائد إلى فرسين تتاسابقان. أقلعا: توقَّفا. رابٍ: منتفخ من الجري.
موطن الشاهد: "كلاهما ... أقلعا، كلا أنفيهما راب".
وجه الاستشهاد: تثنية الضمير العائد إلى "كلا" في الخبر "أقلعا" حملاً على المعنى، وإفراده في "راب" حملاً على اللفظ؛ وكلاهما صحيح، غير أن الحمل على اللفظ لغة القرآن؛ وهو الأرجح، كما أوضحنا.
٧ سقطت من "ط".
٨ لم يُنسب إلى قائل معين.
٩ المفردات الغريبة: السُّلامَى: عظام الأصابع؛ وهو اسم للواحد والجمع أيضًا؛ وتجمع =

<<  <   >  >>