للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يعتذر عن الخليل بأن يقال: إنَّ الحروف١ إذا رُكِّبت تغيَّر حكمها بعد التَّركيب، عَمّا كانت عليه قبل التَّركيب، ألا ترى أنَّ "هل" لا يجوز أن يعمل ما بعدها في ما قبلها، وإذا رُكِّبت مع "لا" ودخلها معنى التخصيص؛ جاز أن يعمل ما بعدها في ما قبلها، فيقال: "زيدًا هلَّا ضربت" فكذلك ههنا؟ ويمكن أن يقال على هذا -أيضًا- أن "هلَّا" ذهب منها معنى الاستفهام؛ فجاز أن يتغير حكمها، وأما "لن" فمعنى النفي باقٍ فيها؛ فينبغي ألا يتغيَّر حكمها. وأما "إذن" فتستعمل على ثلاثة أضرب:

الأوَّل: أن تكون عاملة، وهو أن يدخل على الفعل المضارع، فيراد به الاستقبال، ويكون جوابًا، نحو أن يقول القائل: "أنا أزورك" فتقول: "إذن أكرمَك"، فيجب إعمالها لا غير.

والثاني: أن يدخل عليها الواو والفاء للعطف، فيجوز إعمالها وإهمالها؛ نحو٢ قولك: "إن تكرمني، أنا أكرمك وإذن أحسنُ إليك" فيجوز إعمالها، فتنصب الفعل بعدها، كما لو ابتدأت بها، فترجع إلى القسم الأوَّل، ويجوز إهمالها؛ فترفع الفعل بعدها؛ لأنه٣ مع الضمير المستكن فيه خبر مبتدأ محذوف؛ والتقدير فيه: "وأنا إذن أحسن إليك"٤، فرجع إلى القسم الثالث.

والثالث: أن تدخل بين كلامين؛ أحدهما متعلِّق٥ بالآخر؛ نحو: أن تدخل بين الشرط وجوابه؛ نحو: "إن تكرمني إذن أكرمك" وبين المبتدأ وخبره؛ نحو: "زيد إذن يقوم" وما أشبه ذلك، فلا يجوز إعمالها بحال، وكذلك٦ إذا دخلت على فعل الحال؛ نحو قولك: "إذن أظنك كاذبًا" إذا أردت أنك في حال ظن؛ وذلك لأن "إذن" إنما عملت؛ لأنها أشبهت "أن" و"أن" لا تدخل على فعل الحال، ولا يكون بعدها إلا المستقبل، فإذا٧ زال الشبه، بطل العمل. وأما "كي" فتستعمل على ضربين؛ أحدهما: (أن تعمل بنفسها، فتكون مع الفعل بمنزلة الاسم الواحد؛ نحو: "جئتك لكي تعطيني حقي".

والثاني) ٨: أن تعمل بتقدير "أَنْ" لأنهم يجعلونهم بمنزلة حرف جرٍّ،


١ في "ط" الحرف.
٢ في "س" وذلك نحو.
٣ في "ط" لأنها، والصواب ما أثبتناه من "س".
٤ في "ط" وأنا إذن أكرمك، وأحسن إليك.
٥ في "س" يتعلَّق.
٦ في "س" فكذلك.
٧ في "س" وإذا.
٨ سقطت من "س".

<<  <   >  >>