للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِي أَحْسَنَ} ١ بالرَّفع؛ فالتقدير فيه "على الذي هو أحسن"؛ فكذلك قوله عزَّ وجل: {مَثَلاً مَا بَعُوضَةً} ٢ بالرَّفع فالتقدير: "ما هو بعوضة"؛ وكذلك قوله عزَّ وجل: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} ٣ أي: "هُو أشَدُّ" فحذف المبتدأ في هذه المواضع كلها؛ وحذف المبتدأ جائز في كلامهم.

[ضمة "أيُّهم" بناء أو إعراب وخلافهم فيها]

فإن قيل: فهذه الضمة في "أيُّهم" ضمة إعراب أو ضمة بناء؟ قيل: اختلف النحويون في ذلك؛ فذهب سيبويه إلى أنَّها ضمة بناء؛ لأنَّهم لَمَّا حذفوا المبتدأ من صلتها دون سائر أخواتها؛ نقصت فبنيت، وكان بناؤها على الضَّمِّ أولى؛ لأنَّها أقوى الحركات، فَبُنِيَت على الضمة كـ"قبلُ، وبعدُ" والذي يدلُّ على أنَّهم إنما بنوها لحذف المبتدأ، أنهم لو أظهروا المبتدأ، فقالوا: "ضربت أيّهم هو في الدار"؛ لَنَصبوا، ولم يبنوا. وذهب الخليل إلى أنَّ الضَّمَّةَ ضَمَّةُ إعراب، ويرفعه٤ على الحكاية؛ والتقدير عنده: ... ٥ ثُمَّ لننزعن من كل شيعة الذي يقال لهم أيّهم". وذهب يونس إلى إلغاء الفعل قبله، وينزل الفعل المؤثر في الإلغاء منزلة أفعال القلوب. والصحيح: ما ذهب إليه سيبويه، وأمَّا قول الخليل: إنَّه مرفوع على الحكاية؛ فالحكاية إِنَّما تكون بعد جري الكلام فتعود الحكاية إليه، وهذا الكلام يصحُ ابتداءً من غير تقدير قول قائل قاله، وأما قول يونس فضعيف جدًّا؛ لأنَّ الفعل إذا كان مؤثرًا، لا يجوز إلغاؤه.

[عِلَّة بناء أسماء الصِّلات]

فإن قيل: فَلِمَ بنيت أسماء الصلات؟ قيل لوجهين:

أحدهما: أنَّ الصلة لَمَّا كانت مع الموصول بمنزلة كلمة واحدة، صارت بمنزلة بعض الكلمة، وبعض الكلمة مبنيّ.

والوجه الثَّاني: أنَّ هذه الأسماء لَمَّا كانت لا تفيد إلا مع كلمتين فصاعدًا، أشبهت الحروف؛ لأنَّها لا تفيد إلا مع كلمتين فصاعدًا.


١ س: ٦ "الأنعام، ن: ١٥٤، مك".
٢ س: ٢ "البقرة، ن: ٢٦، مد".
٣ س: ١٩ "مريم، ن: ٦٩، مك".
٤ في "س" وترفعه.
٥ في "ط" زيادة: "قال الله سبحانه وتعالى"، ولا تتوافق مع السياق، فلم نثبتها في المتن.

<<  <   >  >>