للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: فمن أين جاء هذا الجمع في قوله تعالى: {فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين} ١؟ قيل: لأنه لَمّا وصفها بالقول؛ والقول من صفات من يعقل، أجراهما مجرى من يعقل؛ وعلى هذا قوله تعالى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين} ٢ لأنه لَمّا وصفها بالسجود، وهو من صفات من يعقل، أجراها مجرى من يعقل؛ فلهذا، جمعت جمع من يعقل.

[قولهم في جمع أرض وسنة]

فإن قيل: فَلِمَ جاء هذا الجمع في قولهم في جمع أرض: "أرضون" وفي جمع سنة "سنون"؟ قيل: لأن الأصل في أرض: "أرضة" بدليل قولهم في التصغير: أُرَيْضَةَ، وكان القياس يقتضي أن تجمع بالألف والتاء، إلا أنهم لما حذفوا التاء من أرض؛ جمعوه بالواو والنون تعويضًا عن حذف التاء، وتخصيصًا له بشيء، لا يكون في سائر أخواته؛ وكذلك الأصل في سنة: "سنوة" بدليل قولهم في الجمع: "سنوات" و"سنهة" على قول بعضهم، إلا أنهم لما حذفوا اللام، جمعوه بالواو والنون تعويضًا من حذف اللام، وتخصيصًا له بشيء لا يكون في /الأمر/٣ التام، وهذا التعويض تعويض جوازٍ، لا تعويض وجوب، لأنهم لا يقولون في جمع: شمس شمسون، ولا /في/٤ جمع غد غدون فلهذا، لما كان هذا الجمع في أرض، وسنة، على خلاف الأصل، أدخل فيه ضرب من التكثير، ففتحت٥ الراء من "أرضَون" وكسرت السين من "سنون" إشعارًا بأنه جمع جمع السلامة على خلاف الأصل؛ فاعرفه /تصب/٦ إن شاء الله تعالى.


١ س: ٤١ "فصلت -حم السجدة- ن: ١١، مك".
٢ س: ١٢ "يوسف، ن: ٤، مك".
٣ سقطت من "س".
٤ سقطت من "س".
٥ في "ط" وفتحت، وما أثبتناه من "س" وهو الأفضل.
٦ سقطت من "س".

<<  <   >  >>