للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تقديم خبر المبتدأ عليه]

فإن قيل: فهل يجوز تقديم خبر المبتدأ عليه؛ نحو: قائم زيد؟ قيل: اختلف النحويون فيه١؛ فذهب البصريون إلى أنه جائز، وذهب الكوفيون إلى أنه غير جائز، وأنه إذا تقدم عليه الخبر، يرتفع به ارتفاع الفاعل بفعله٢، وقالوا: لو جوزنا تقديم خبر المبتدأ عليه؛ لأدّى ذلك إلى تقديم ضمير الاسم على ظاهره، وذلك لا يجوز، وهذا الذي ذهبوا إليه فاسد، وذلك لأن اسم الفاعل أضعف من الفعل في العمل؛ لأنه فرع عليه، فلا يعمل حتى يعتمد، ولم يوجد -ههنا- فوجب ألا يعمل. وقولهم: إن هذا يؤدي إلى تقديم ضمير الاسم على ظاهره فاسد -أيضًا- لأنه وإن كان مقدمًا لفظًا، إلا أنه مؤخر تقديرًا، وإذا كان مقدمًا في اللفظ، مؤخرًا في التقدير٣، كان تقديمه جائزًا؛ قال الله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} ٤ فالهاء في "نفسه" ضمير موسى، وإن كان في اللفظ مقدمًا على موسى، إلا أنه لَمّا كان موسى مقدمًا في التقدير؛ والضمير في تقدير ٥ التأخير؛ كان ذلك جائزًا، فكذلك ههنا، والذي يدل على /جواز/٦ ذلك وقوع الإجماع على جواز؛ ضَرَبَ غلامه زيد؛ وهذا بيّن؛ وكذلك اختلفوا في الظرف إذا كان مقدّمًا على المبتدأ؛ نحو: عندك زيد فذهب البصريون إلى أنه في موضع الخبر، كما لو كان متأخرًا، وذهب الكوفيون إلى أن المبتدأ يرتفع بالظرف٧، ويخرج عن كونه مبتدأ، ووافقهم على ذلك أبو الحسن الأخفش في أحد قوليه؛ وفي هذه المسألة كلام طويل بيناه في: مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، لا يليق ذكره٨ بهذا المختصر.


١ في "س" في ذلك.
٢ والصواب: يرتفع بالضمير العائد إليه من الخبر قائم لا بالخبر.
٣ في "ط" مقدّمًا في التقدير، مؤخَّرًا في اللفظ، وما أثبتناه من "س" وهو الصّواب.
٤ س: ٢٠ "طه: ٦٧، مك".
٥ في "ط" تقديم، وما أثبتناه من "س" وهو الصواب.
٦ سقطت من "ط".
٧ أي من غير اعتماد على الاستفهام، أو النفي، ويكون إعراب الاسم في مثل قولنا: "في البستان ثمرٌ" فاعلاً للظرف في مذهبهم.
٨ في "ط" ذكرها، والصّواب ما أثبتناه من "س".

<<  <   >  >>