لقد اعتنى الشيخ محمد بن عبد الوهاب بجمع الأحاديث وتبويبها في موضوعات شتى، منها ما هو عام كنصيحة المسلمين وبيان فضل الإسلام ومنها ما هو خاص في العقائد كأصول الإيمان، أو خاص بالكبائر لاسيما الكبائر التي هي من أعمال القلوب، وقد تقدم الإشارة إلى هذه المؤلفات في هذه الفنون في الباب الثالث، ومنها ما هو خاص في الأحكام ومنها ما هو خاص في الفتن والحوادث.
واشتدت عناية الشيخ محمد بن عبد الوهاب لجمع أحاديث الأحكام على أبواب الفقه كما سبقه غيره من الأئمة، وهذا دليل واضح على أن الفقه لا يستغنى عن الحديث. فسار على أبواب الفقه، وجمع في كل باب من أبوابه جملة أحاديث من الأحكام.
والهدف من كتابة هذا إيضاح عناية الشيخ بالكتاب والسنة عقيدة وفقها، فبدأ بكتاب الطهارة إلى آخر موضوعات الفقه مما يتعلق بالقضاء ووسائل الإثبات، ثم ختم ما جمعه من أحاديث الأحكام بمجموعة أحاديث في الطب، وهذا المجموع في أحاديث الأحكام كان مخطوطا، وطبعته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في أربع مجلدات، بلغ مجموع الأحاديث (٤٥٥١) أربعة آلاف وخمسمائة وواحد وخمسين حديثا. فاستوفى جميع أبواب الفقه على ترتيب الفقهاء في العبادات والمعاملات.
وإليك يا أخي القارئ أمثلة توضح طريقة الشيخ في جمع أحاديث الأحكام مما يبرهن اعتماد فقهه دائما في العبادات والمعاملات على السنة.
أولاً: ذكر في الطهارة في باب المياه جملة أحاديث دلت على ما ينجس به الماء الطاهر وطهارة البحر، وأن الماء المستعمل لا ينجس، والنهي عن تنجيس الماء الراكد أو تقذيره حسب القلة أو الكثرة، وحكم استعمال الرجل لفضلة المرأة، وغسل اليدين بعد نوم الليل