للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا تفقه رجل في مذهب من المذاهب الأربعة ثم رأى حديثا يخالف مذهبه فاتبع الدليل وترك مذهبه، كان هذا مستحبا بل واجبا عليه إذا تبين له الدليل. ولا يكون بذلك مخالفا لإمامه الذي اتبعه، فإن الأئمة كلهم متفقون على هذا الأصل؛ أبو حنيفة ومال، والشافعي وأحمد رضي الله عنهم أجمعين.

قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: (كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم) .

وقال الشافعي لأصحابه: (إذا صح الحديث عندكم فاضربوا بقولي الحائط) ، وفي لفظ (إذا صح الحديث عندكم فهو مذهبي) .

وقال الإمام أحمد: (عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان) .

والله سبحانه وتعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ١ أتدرى ما الفتنة؟.. الفاتنة: الشرك. لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.

وقال لبعض أصحابه: (لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكا ولا تقلدوا الشافعي وتعلموا كما تعلمنا) .

وكلام الأئمة في هذا كثير جدا ومبسوط في غير هذا الموضوع) ٢.

فاسمع أخي القارئ قاعدة ابني إمام الدعوة حسين وعبد الله في موقف طالب العلم من أقوال العلماء السابقين إذا لم يخالف دليلاً.

وفى بيان ما ينكر من طالب العلم (وأما إذا لم يكن عند الرجل دليل في المسألة يخالف القول الذي نص عليه العلماء أصحاب المذاهب، فنرجو أنه يجوز العمل به؛ لأن رأيهم لخير من رأينا لأنفسنا، وهم إنما أخذوا الأدلة من أقوال الصحابة فمن بعدهم.


١ سورة النور آية: ٦٣.
٢ الدرر السنية ص ٦ – ٧.

<<  <   >  >>