شاة مذكاة فقال الآخر إنما منعته من بيع الميتة، فقضى عليه بمذهبه وهو يعلم أن الأئمة الثلاثة على خلافه، وكذلك إن كان القاضي (حنبليا) فاختصم إليه اثنان فقال أحدهما لي عليه مال، فقال الآخر كان له على مال فقضيته، فقضى عليه بالبراءة من إقراره مع علمه بأن الأئمة الثلاثة على خلافه، فإن هذا وأمثاله مما يتوخى إتباع الأكثرين فيه أقرب عندي إلى الإخلاص وأرجح في العمل، وبمقتضى هذا فإن ولايات الحكام في وقتنا هذا صحيحة، وأنهم قد سدوا ثغرا من ثغور الإسلام سده فرض كفاية، ولو أهملت هذا القول ولم أذكره، ومشيت على الطريق الذي يمشى عليه الفقهاء الذين يذكر كل منهم في كتاب إن صنفه أو كلام إن قاله أنه لا يصح أن يكون قاضيا إلا من كان من أهل الاجتهاد، ثم يذكر من شروط الاجتهاد أشياء ليست موجودة في الحكام، فإن هذا كالإحالة أو التناقض، وكأنه تعطيل للأحكام وسد لباب الحكم، وأن لا ينفذ حق ولا يكاتب به ولا يقام بينة إلى غير ذلك من القواعد الشرعية، وهذا غير صحيح، بل الصحيح في المسألة أن ولايات الحكام جائزة، وأن حكوماتهم اليوم صحيحة نافذة، وولاياتهم جائزة شرعا١.ا. هـ.
ثم أوجز الشيخ حمد آل معمر كلام ابن هبيرة في النقاط التالية:-
١- جواز تولية المقلد إذا تعذرت تولية المجتهد، وبين السبب وهو صعوبة توفر شروط الاجتهاد المطلق، ولربما يؤدي طلب شروط الاجتهاد إلى ترك الأحكام.
٢- أن إجماع الأئمة الأربعة حجة، وأن الحق لا يخرج عن أقوالهم، فلا يخرج القاضي عن ما أجمعوا عليه.
٣- الإجماع على انعقاد تقليد كل واحد من المذاهب الأربعة دون من عداهم من الأئمة لأن مذاهبهم مدونة قد حررت ونقحها أتباعهم.
٤- أوضح ابن معمر بأن حكاية الإجماع عند ابن هبيرة على جواز التقليد لا على وجوبه.
٥- أوضح أيضا بأن القاضي ومثله المفتي لا ينبغي له الاقتصار على مذهب واحد منهم بحيث يلتزم الفتوى به، بل عليه أن يتوخى مواطن الاتفاق وإلا توخى ما عليه الأكثر.