المسألة هذه السعة والضيق والإضاءة والخضرة والنار ليس من جنس المعهود في هذا العالم.
والله سبحانه إنما أشهد بني آدم في هذه الدار ما كان فيها ومنها، فأما ما كان من أمر الآخرة؛ فقد أسبل عليه الغطاء؛ ليكون الإقرار والإيمان به سببا لسعادتهم، فإذا كشف عنهم الغطاء؛ صار عيانا مشاهدًا، فلو كان الميت بين لسعادتهم، فإذا كشف عنهم الغطاء؛ صار عيانا شاهدًا، فلو كان الميت بين الناس موضوعا؛ لم يمتنع أن يأتيه الملكان ويسألاه من غير أن يشعر الحاضرون بذلك، ويجيبهما من غير أن يسمعوا كلامه، ويضربانه من غير أن يشاهد الحاضرون ضربه، وهذا الواحد منا ينام إلى جنب صاحبه المستيقظ، فيعذب في النوم ويضرب ويألم، وليس عند المستيقظ خبر من ذلك ألبتة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله:"فأما أحاديث عذاب القبر ومسألة منكر ونكير؛ فكثيرة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ مثل ما في "الصحيحين" عن ابن عباس - رضي الله عنهما؛ "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قبرين، فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، بلى إنه كبير، أما أحدهما؛ فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله، ثم دعا بجريدة رطبة، فشقها نصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة، فقالوا: يا رسول الله! لم فعلت هذا؟ قال:"لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا"، وفي "صحيح مسلم"وسائر السنن عن أبي هريرة - رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير؛ فليقل: أعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال".
وساق الشيخ أحاديث كثيرة في هذه الباب، إلى أن قال: "وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً، وسؤال الملكين؛ فيجب اعتقاد ذلك والإيمان به، ولا نتكلم عن كيفيته؛ إذ ليس