للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد لقي عمر بن الخطاب من أهل اليمن، فقال: من أنتم؟ قالوا نحن المتوكلون. قال: "بل أنتم المتأكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله".

٤- الشرك في الطاعة:

اعلموا وفقني الله وإياكم أن من الشرك طاعة العلماء والأمراء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله: قال الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ١.

وفي الحديث الصحيح: "أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية على عدي بن حاتم الطائي، فقال: يا رسول الله! لسنا نعبدهم. قال: أليس يحلون لكم ما حرم الله؛ فتحلونه، ويحرمون ما أحل الله؛ فتحرمونه؟. قال: بلى. قال النبي صلى الله عليه وسلم: فتلك عبادتهم". رواه الترمذي وغيره.

وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم فيه اتخاذ الأحبار والرهبان أربابا من دون الله بأنه ليس معناه الركوع والسجود لهم، وإنما معناه طاعتهم في تغير أحكام الله وتبديل شريعته؛ حيث نصبوا أنفسهم شركاء لله في التشريع، فمن أطاعهم في ذلك؛ فقد اتخذهم شركاء لله في التشريع والتحليل والتحريم، وهذا من الشرك الأكبر؛ لقوله تعالى في الآية: {وَمَا أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ٢.

ومثل هذه الآية قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ


١ سورة التوبة، الآية: ٣١.
٢ سورة التوبة، الآية: ٣١.

<<  <   >  >>