للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

((ويقولون: إن هشام بن عبد الملك لم يقل بيت شعر قط إلا هذا البيت:

إذا أنت لم تعص الهوى قادك الهوى

...

إلى بعض ما فيه عليك مقال))

ثم إن مجاهدة النفس ومخالفة الهوى تثمر ثمرات كثيرة جدا، ولو لم يأت منها إلا أن الذي يجاهد نفسه ويخالف هواه ـ ينعتق من رق الهوى، وسلطان الشهوة , وما أجمل ما قيل:

رب مستور سبته شهوة

...

فتعرى ستره فانهتكا

صاحب الشهوة عبد فإذا

...

غلب الشهوة أضحى ملكا ٢

هذا وقد ذكر ابن القيم في كتابه روضة المحبين أمورا تبلغ الخمسين تعين على مجاهدة النفس، ومخالفة الهوى، وتبين ثمرات ذلك ٣.

٥ ـ استشعار اطلاع الله ـ عز وجل ـ:

فالذي يفعل هذه الفعلة تجده يتوارى عن الأعين ويحرص على ذلك، فعليه ـ والحال هذه ـ أن يستشعر اطلاع الرب ـ تبارك وتعالى ـ عليه، فالله لا تخفى عليه خافية، فالغيب عنده شهادة، والسر علانية، فالذي يفعل هذه المعصية ويتوارى عن الأعين لا يخلو من حالتين: الأولى: أن يعتقد أن الله ـ عز وجل ـ لا يراه ولا يطلع عليه فإن كان كذلك فهو كافر بالله.

والثانية: أن يعتقد أن الله مطلع عليه ومن كان كذلك فلا يليق به أن يفعل المعصية، فإن فعلها فلا شك أنه ممن قل حياؤه من ربه، إذ جعله أهون من ينظر إليه ومن أجمل ما قيل في هذا قول الشاعر:

وإذا خلوت بريبة في ظلمة

...

والنفس داعية إلى الطغيان


١ الآداب الشرعية ٣/١٣١.
٢ روضة المحبين ص ٤٨١.
٣ انظر روضة المحبين ص ٤٦٢ إلى ٤٨٢.

<<  <   >  >>