للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منصور بن علي الطرسوسي -وكان شيخا صالحا-: لما أراد أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيّ الخروج من عندنا من مصر خرجنا نودعه، فلما ودعناه بكينا، فقال لنا: تبكون؟!.

قلنا: نبكي لما فقدناه من علمك وعدمناه من فوائدك. فقال: تقولون هذا وعندكم عبد الغني، وفيه الخلف؟. أو كما قال"""١".

ملاحظة:

رحلات الدَّارَقُطْنِيّ إلى البلدان التي سبق ذكرها عرفتها من تتبع تراجمه في الكتب، ومن تتبع كتابه "السنن"، لأنه يقول أحياناً: حدثني فلان بمكة أو بالرملة أو بواسط ... إلخ.

ولم أجد شيئاً عن خبر زياراته لتلك البلدان وتواريخها ومدة إقامته بكل بلد، وماذا حصل له من الأمور العلمية فيه، إلا ما صار بينه وبين عبد الغني من لقاء وإفادة بمصر.

وقد كانت الرحلة في زمنه رحمه الله صعبة، لعدم وجود الأسباب المادية، ولتباعد المسافات بين تلك الأقطار، وهذا أمر عظيم يُبرز لنا مقدار ما كان يبذله العلماء الصادقون في الحفاظ على سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وإذا أضفنا إلى هذه الرحلاتِ التي قام بها هذا الإمام إقامتَهُ ببغداد أدركنا أن الحافظ الدَّارَقُطْنِيّ كأنما قضى جلّ حياته في الترحال في طلب الحديث، ذلك أنه عاش في بغداد مركز العلم والعلماء، وقَلْب العالم الإسلامي في ذلك


"١" "الاستدراك"، لابن نقطة: ق٣ب.

<<  <   >  >>