للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولفظة التيمن مع لفظة العرب السابقة عليها هما من أكبر الأدلة على ظهوره من تلك المحلات لا من سواها، وفي المقطع الذي يتلوه قد عطف إشعيا بضمير الجمع إذ قال: ((لأنهم منهزمون من قبل السيوف، من وجه السيف الحاضر، من وجه القوس الموترة، ومن وجه الحرب الشديدة)) ؛ يعني أن خصومه ينهزمون في عودته ورجوعه عليهم من قبل السيوف من وجه السيف، كما جاء الأمر عليه بقوله تعالى له {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} ١، وكذلك جرى ذلك الانهزام على أعدائه، أعني: من جراء سيفه وقوسه الموترة والحرب الشديدة، وكلام إشعيا ((بأنهم منهزمون)) متوجه علىالعرب وعائد ضميره إليهم، (والدليل) على ذلك هو قوله: ((ثقل على العرب)) .

وترى هذه المعاني موضحة٢ في محلاتها، إذ أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم هو الذي كان وروده كثقل البحر، وكان هو بحراً برياً وليس مائياً، وهو الذي أتى لنا من البر من بلد مخيف، مثلما تأتي الزوابع من الجنوب، ونهب العصاة*.


١ التوبة آية ٣٦.
٢ في النسختين مفصحة، وفصاحتها ما أثبت.
* حاشية: اعلم أنّ قوله: من بلد مخيف أي من مكة المشرفة التي كانت مخيفة لقلة تمدن سكانها يومئذ، [وقد وجد في التوراة العبرانية عوضاً عن قوله من بلد مخيف مكتوب من المدينة المنورة] قلت –المحقق-: وهذا القول بعيد، لأن المدينة لم تسم إلا بعد مجيء النبي عليه السلام، إلا إذا كان يقصد به صفتها. والله أعلم، وقوله: نهب العصاة يجوز إن ذلك القول كان حرفياً أيضاً بالفعل وكان لمحاربيه، كما أمر الله قبله يشوع ابن نون وموسى بمثل ذلك بنهب العصاة.

<<  <   >  >>