للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الباب حبقوق النبي١ في الشهادة التي تتلو هذه، إذ إنه مع ذكره اسم فاران، يعين أيضاً جهتها، التي هي القبلة لئلاّ تجهل وتلتبس*.

وأيضاً أقول: إن لفظة فاران مشتقة من فاران في اللغة العبرانية، وتعريبها المتجِّمل المتزين، وكأن حبقوق مع موسى عليهما السلام يقولان عن نبينا: إنه يأتي من الجبل المتزيِّن. وجبل مكة يصدق عليه هذا الاسم


١ في النسختين قال حبقوق النبي، ولم يثبت عندنا نبوته بنص صحيح.
* حاشية: اعلم أنّ بعضاً من النصارى يتوهمون أن فاران هي بقرب جبل سيناء، والحال لو أنها كانت هذه فاران المشار إليها من موسى، لكان يلزم أن يذكرها في هذه الشهادة قبل ساعير، وقد تراه أنه ذكرها بعد ساعير خلاف واقعهما، وأيضاً إن فاران التي وجودها بقرب سيناء هي برية كما أفاده عنها التوراة، وههنا موسى عليه السلام يذكر جبلاً بقوله: من جبل فاران، والقاعدة في ذلك أن تلك البرية دعيت فاران لسبب أنها ظليلة في الأشجار الهيشية، والجبل الذي هو بمكة سماه موسى ههنا فاران لكونه مجوفاً مغورا، ولفظة فاران هي عبرانية تقبل الوجهين عدا غيرهما، أي انها تترجم مجوف مغور، وتترجم أيضاً ظليل، فإذا كانت قرائنها في كتاب التوراة مذكورة برية يلزم أن تفهم أنها ظليلة، وإن كان لفظة فاران قرائنها جبلاً فينبغي لنا أن نفهم بأنها جبل مجوف مغور، فههنا في قول موسى: إنه يستعلن من جبل فاران، فعلم أن هذا هو جبل فاران، الذي فيه المغارة، الذي هو بقرب مكة المشرفة، وفيها كان صلى الله عليه وسلم يختلي. وهذا الجبل هوفي القبلة أيضاً، كما شرح عنه المؤلف عن موسى وحبقوق، وبالاختصار إن لفظة جبل فاران هي بالعربي جبل غار، وهو اسم شهير ومعلوم لجبل مكة المشرفة، وإن قلت: إنه مشتق من فاران وهو بالعربي أيضاً المتزين منطبق عليه هذا الاسم أيضاً من كونه متزيناً في وجود بيت الله، الذي يشرحه المؤلف بعد ذلك.

<<  <   >  >>