للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وبعضها بالدليل وما حلّت به الأعراض فهو حادث مثلها، إذا العالم حادث. وإبراهيم عليه السلام رأى هذه الأعراض حالة بتلك الكواكب، حيث تحركت وانتقلت من محل لآخر والحركة والسكون عرضان من الأعراض، وهذا دليل حدوثها وما دامت حادثة فهي غير صالحة لأن تكون إلهاً١.

هذا ما رآه المتكلّمون من استدلال إبراهيم عليه السلام حيث أرادوا إسناد مذهبهم بدليل شرعي، وهذا بعينه ما رآه البيهقي وأراده.

وهذا الدليل الذي أورده البيهقي يشتمل على أمور ثلاثة:

١ - نفي حلول الحوادث بذات الباري سبحانه، بحجة أن الحوادث لا تحلّ إلاّ بحادث مثلها، وهذه دعوى لا تهمنا هنا، ولها مكان آخر، فيما بعد إن شاء الله.

٢ - طريق الاستدلال على حدوث العالم بحدوث أعراضه، حيث يفهم من كلام البيهقي موافقته للمتكلّمين على ما ذهبوا إليه من هذا الاستدلال.

٣ - ادعاء أن تلك الطريقة هي طريقة إبراهيم الخليل عليه السلام وهاتان القضيتان الأخيرتان هما محور الكلام، ومناط الحديث.

أما طريقتهم في الاستدلال على حدوث العالم بحدوث الأعراض التي هي صفات الأجسام القائمة بها، فإنها طريقة باطلة لأن من المعلوم بداهة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستدل بها، ولم يدع أحداً من أمته إلى


١ راجع المواقف بشرح الجرجاني (مطلب الآلهيّات) ص: ٥ وما بعدها.

<<  <   >  >>