للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الاستدلال بها على وجود الله تبارك وتعالى، وقد اعترف كثير من المتكلّمين بأنها ليست طريقة الرسل عليهم السلام، ولا طريقة أتباعهم، وهي طريقة مخالفة للطرق التي دعا إليها الإسلام لما تشتمل عليه من ضعف، وما يرد عليها من التزامات فاسدة، ويكفي في بيان زيفها وتهافتها ما أورده شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - من تفنيدها وإظهار لباطلها، حيث قال:

"هذه الطريقة مما يعلم بالاضطرار أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يدع الناس بها إلى الإقرار بالخالق ونبوّة أنبيائه، ولهذا قد اعترف حذاق أهل الكلام - كالأشعري وغيره - بأنها ليست طريقة الرسل وأتباعهم، ولا سلف الأمة وأئمتها، وذكروا أنها محرمة عندهم بل المحقّقون على أنها طريقة باطلة، وأن مقدماتها فيها تفصيل وتقسيم يمنع ثبوت المدعي بها مطلقاً، ولهذا تجد من اعتمد في أصول دينه فأحد الأمرين لازم له.

إما أن يطلع على ضعفها، ويقابل بينها وبين أدلة القائلين بقدم العالم، فتتكافأ عنده الأدلة، أو يرجح هذا تارة وهذا تارة، كما هو حال طوائف منهم.

وإما أن يلتزم لأجلها لوازم معلومة الفساد في الشرع والعقل، كما التزم جهم لأجلها فناء الجنة والنار١. والتزم لأجلها الهذيل انقطاع


١ جهم هذا هو: جهم بن صفوان، من أهل خراسان، ينسب إلى سمرقند وترمذ، ومحتده الكوفة، ويكنى أبا محرز أخذ الكلام عن الجعد بن درهم، قتل سنة: ١٢٨هـ، وقد قال جهم بفناء الجنة والنار بعد دخول أهلهما فيهما، وتلذذ أهل الجنة بنعيمها وتألم أهل النار بجحيمها. انظر: تاريخ الجهمية والمعتزلة لجمال الدين القاسمي ص:١٠، والمنية والأمل لابن المرتضى، ص: ١٠٧، والملل والنحل للشهرستاني١/٨٧.

<<  <   >  >>