هذا عن موقف الرفض كلية للاستدلال بما جاء في الحديث، وهو موقف جد خطير، من قال به وارتضاه - وفي مقدمتهم شيخنا البيهقي - فقد وقع في خطأ كبير، ونحن نجيب عن النقاط التي كانت سبب الرد للاستدلال بأن نقول:
أما كون ذكر الأصابع في الحديث من قول اليهودي لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك صحيح، وأما أن النبي صلى الله عليه وسلملم ينطق بما يصدق قول الخبر، فإنه قد حصل منه صلى الله عليه وسلم مما يدل على التصديق ما هو أبلغ من النطق، وهو سروره عليه السلام بقول اليهودي ذاك وابتهاجه بالحق الذي أجراه الله على لسانه ولذلك ضحك ضحكاً شديداً بدت منه أواخر أسنانه عليه السلام من شدته، ولو لم يكن ماجاء به ذلك اليهودي حقاً، بل جرأة على وصف الله تعالى بما لا يليق به سبحانه، لما كان هذا الموقف من النبي صلى الله عليه وسلم، بل لحدث ضده، ولتمعر وجهه عليه السلام ولغضب غضباً شديداً، ولزجر اليهودي، وبين كذبه فيما قال، ولفند ما زعم سيما وأن قول ذلك الحبر يمس العقيدة في صميمها، لأنه يتعلّق بذات الخالق البارىء سبحانه وتعالى.
ولذلك فإن إمام الأئمة أبا بكر بن خزيمة يرى بأن مثل هذا الوصف للنبي صلى الله عليه وسلم- أي بأن ضحكه كان إنكاراً لا تصديقاً- ينافي الإيمان والتصديق برسالة محمّد صلى الله عليه وسلم، فيقول في ذلك:
" ... وقد أجل الله قدر نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يوصف الخالق البارئ بحضرته، بما ليس من صفاته، فيسمعه فيضحك عنده، ويجعل بدل وجوب النكير والغضب على المتكلّم به، ضحكاً تبدو نواجذه تصديقاً وتعجباً لقائله، لا يصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة مؤمن مصدق برسالته"١.