للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيعه ولا هبتة ... "١.

فقد أطلق الحنفية جواز بيع السرجين والبعر لحل الانتفاع بها شرعاً، وهذا بخلاف العذرة لأنه لا ينتفع بها إلا مخلوطة، حيث إن العادة جرت على الانتفاع بها بعد خلطها بالتراب أو الرماد بحيث يكون ذلك المضاف إليها غالباً عليها.

وهكذا نجد أن الحنفية لم ينظروا إلى النجاسة حين يقولون بعدم انعقاد البيع أو فساده أو عدم جوازه، لأنهم لم يشترطوا طهارة المبيع، وعليه يبنون حكمهم بعدم الانعقاد وما يترتب عليه من الفساد وعدم الجواز على ما اشترطوه في المبيع بالنسبة لعقد البيع وهو المالية، وإمكان الانتفاع بالمبيع.

وفي رد المختار على الدر المختار: "السرجين والسرقين ... والمراد أنه يجوز بيعهما ولو خالصين ... ويجوز بيع السرقين والبعر والانتفاع به ... ولم ينعقد بيع العذرة خالصة بخلاف بيع السرقين والمخلوطة بتراب"٢.

فالحنفية على أن العذرة الخالصة لا ينعقد بيعها، أما المخلوطة بتراب فيجوز بيعها، وأما السرجين والسرقين والبعر فيجوز بيعهما ولو خالصين كما يجوز الانتفاع بهما.

أي إن الحنفية يرون صحة بيع السرجين والبعر ولو خالصتين، وانه بالنسبة للعذرة فلا يجوز بيعها خالصة، ويجوز بيع المخلوطة بالتراب أو الرماد إذا كان التراب أو الرماد غالباً، فأساس مذهب الحنفية هو إمكان الانتفاع والمالية المعتبرة في عقد البيع ركنا لديهم دون اعتبار للنجاسة أو الطهارة، لأنهم لم يشترطوا طهارة المبيع طالما كانت المالية متحققة ووجه الانتفاع قائماً.

مذهب المالكية: أن الأعيان النجسة لا يصح بيعها، وإن كان الخلاف حاصل بين فقهاء المذهب بالنسبة لبعض الصور، وقد فصل المالكية القول بشأن بيع العذرة


١ الكاساني ٥/١٤٤.
٢ ابن عابدين ٧/٢٤٤ – ٢٤٥.

<<  <   >  >>