للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقهاء خروجاً عن هذا الأصل، رغم نجاسته دفعاً لحالة الضرورة، وهي قصد الشفاء طالما أنه قد تحتم هذا التناول، وهذا ما عليه الفقهاء مع خلاف بينهم في التعبير، فمنهم من عبر عنه بأنه لا بأس بالتداوي، ومنهم من قال لا بأس بشرب أبوال الأنعام الثمانية، ومنهم من عبر بجواز تناول أبوال الحيوانات بغرض التداوي، وهذا ما قالوه:

مذهب الحنفية: القول بأنه لا بأس بالتداوي بأبوال الحيوانات وغيرها من سائر الأبوال، وقال بهذا أبو يوسف.

فقد جاء في الفتاوى الهندية: " ... لا بأس بأبوال الإبل ولحم الفرس للتداوي"١. وجاء في الدر المختار شرح تنوير الأبصار: " ... [كره لحم الأتان] ... وبول الإبل، وأجازه أبو يوسف للتداوي"٢.

وهناك رأي آخر للحنفية: وهو حرمة التداوي بأبوال الإبل وغيرها من سائر الأبوال.

فقد جاء في شرح فتح القدير: " ... لا يحل شربه للتداوي ولا لغيره، لأنه لا يتقين بالشفاء فيه ... "٣.

فالخلاف حاصل بين فقهاء المذهب الحنفي بشأن التداوي بأبوال الحيوانات، فذهب أبو يوسف إلى جواز ذلك التداوي رفعاً لضرورة العلاج به، وهناك رأي مخالف في المذهب بعدم جواز التداوي بأبوال الإبل ونحوها.

مذهب المالكية: يرى بأنه يحل شرب أبوال الحيوانات بغرض التداوي

فقد جاء في المنتقى شرح موطأ مالك: " ... ولا بأس بشرب أبوال الأنعام الثمانية التي ذكرها الله سبحانه٤؛ قيل له: أكل ما يؤكل لحمه؟ قال: لم أقل إلا أبوال


١ الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند ٥/٣٥٥.
٢ الحصكفي ٦/٣٤٠.
٣ ابن الهمام ١/١٠٢.
٤ أي التي ذكرها الله في سورة الأنعام في قوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ*وَمِنَ الْأِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} سورة الأنعام الآية ١٤٣– ١٤٤.

<<  <   >  >>