للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد نص الكاساني في البدائع: على أنه إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت فيه فإنه لا مانع من الاستصباح به، بشرط أن يكون الطاهر غالباً، وأنه لا مانع من الانتفاع به في غير الأكل، لأن نجاسة الدهن الواقع فيه الفأرة معلومة، وقد عرض لما عليه رأي الحنفية من أنه إذا كان جامداً فإن الفأرة تلقى وما حولها، ولا مانع من أكل الباقي، وبالتالي فإن بيعه يكون جائزاً، وكذا جميع أوجه الانتفاع به. وذلك بخلاف ما لو كان مائعاً، فإن النجاسة تسري فيه، وبالتالي يمتنع أكله، ولا مانع من الانتفاع به في الاستصباح واستخدامه في الدبغ وغيره، إذا كان الطاهر غالباً، ويجوز بيعه إلا أنه يجب على البائع بيان عيبه للمشتري، وإلا فإن الخيار يثبت للمشتري عند علمه بهذا.

مذهب المالكية: التفريق بين ما كانت نجاسته ذاتية، وبين ما نجاسته كالذاتية، فأما ما نجاسته ذاتية كالخمر والميتة فقد سبق بيان حكمه عند الحديث عن بيع الخمر والميتة، وأما ما كانت نجاسته كالذاتية كالزيت واللبن والعسل والخل تقع فيه النجاسة، فقد اختلف في حكم بيعه والانتفاع به، أما البيع فقد روى ابن وهب جوازه لكن مشهور مذهبهم المنع، وأما الانتفاع فالراجح من مذهبهم جواز الانتفاع به إلا في شيئين: الأول الآدمي فلا يجوز له شربه أو أكله، وفي الادهان به خلاف، الراجح فيه الكراهة، وتجب إزالته عند الصلاة، أو الطواف، أو دخول المسجد.

الثاني المساجد: فلا يجوز الاستصباح بالزيت المتنجس، إلا أن يكون المصباح خارجه والضوء داخله فيجوز، أما الثياب المتنجسة فيجوز بيعها عندهم، بشرط أن يبين البائع تنجسها، ويجوزون الانتفاع بالثياب المتنجسة في غير الصلاة، وفي غير الأوقات التي يعرق بها، ويجوزون عمل الصابون من الزيوت المتنجسة.

فقد جاء في القوانين الفقهية: " ... واختلف في بيع الزيت النجس، فمنع في المشهور مطلقاً، وأجاز ابن وهب إذا بين، واختلف في الاستصباح به في غير المساجد ... "١.


١ ابن جزي صفحة ١٦٣.

<<  <   >  >>