للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا تقرر الخلاف في مذهب المالكية بشأن بيع الزيت النجس، وأن المشهور في المذهب منع بيعه مطلقاً، وإن كان بعض المالكية كابن وهب أجاز ذلك البيع بشرط البيان للمشتري، وذكر الخلاف بشأن مدى جواز الاستصباح به في غير المساجد.

وجاء في مواهب الجليل: "وينتفع بمتنجس لا نجس في غير مسجد وآدمي" مراده بالمتنجس ما كان طاهراً في الأصل وأصابته نجاسة، كالثوب النجس، والزيت، والسمن، ونحوه تقع فيه فأرة أو نجاسة، وبالنجس ما كانت عينه نجسة، كالبول، والعذرة، والميتة، والدم، وذكر أن الأول ينتفع به في غير المسجد والآدمي وشمل سائر وجوه الانتفاع، فيستصبح بالزيت في غير المسجد، ويستحفظ منه، ويعمل منه الصابون، لكن تغسل الثياب فيه بماء طاهر، ويدهن به الحبل والعجلة ... والمشهور أن ما يقبل التطهير كالثوب النجس يجوز بيعه، وما لا يقبله كالزيت النجس لا يجوز بيعه، ... إذ لا يصح نفي كل منفعة تضاف للآدمي، لأنه يجوز له الاستصباح بالدهن النجس وعمله صابونا، وعلف الطعام النجس للدواب والعسل النجس للنحل وهو من منفعته ... ولا بأس بلبس الثوب النجس والنوم فيه، ما لم يكن وقت يعرق فيه، فيكره.."١.

فأصل مذهب المالكية: جواز الانتفاع بالمتنجس في غير مسجد وآدمي، وهذا الحكم خاص بالمتنجس، لا النجس بأصله، أي ما كان في أصله طاهراً، ثم لحقته النجاسة، كالثوب النجس، والسمن، والزيت الذي أصابته نجاسة، بأن وقعت فيه على نحو الفأرة إذا وقعت، وأنه يخرج من هذا ما كان نجساً في عينه، أي بحسب أصله كالبول، والميتة، والدم، وأن المتنجس كالدهن ونحوه، يخرج عن أصل المنع من الانتفاع به في غير مسجد وآدمي، فلا بأس من الاستصباح به في غير مسجد، ويصنع منه الصابون ونحوه، ويدهن به الحبل والعجلة وعلف الطعام النجس للدواب ونحوها.

ومشهور مذهب المالكية هو جواز بيع المتنجس، إذا كان قابلاً للتطهير، كالثوب النجس بخلاف ما لا يمكن تطهيره كالزيت المتنجس حيث يمتنع بيعه لتعذر تطهيره.


١ الحطاب ١/١١٧ – ١١٩.

<<  <   >  >>