للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وكذا الدهن" كالزيت إذ لا يمكن تطهيره ... لأنه لو أمكن لما أمر بإراقة السمن ... ، والثاني: يمكن تطهيره بغسله، بأن يوضع على قُلّتي ماء، أو يصب عليه ماء يغمره ثم يحرك حتى يصل إلى جميع أجزائه، ... ولو تصدق بدهن نجس لنحو استصباح به على إرادة نقل اليد جاز ... "١.

فنص مغني المحتاج أن المتنجس المتعذر تطهيره مثل الخل واللبن والصبغ ونحوه لا يمكن بيعه، وذلك لأنه في معنى نجس العين، ونص على أنه إذا أمكن تطهيره فإنه لا مانع من بيعه والانتفاع به بعد تطهيره ويجوز التصدق بالدهن النجس للاستصباح به.

وجاء في المجموع: " ... نص الشافعي على جواز الاستصباح بالزيت النجس ... وهو المذهب، وذكر أكثر الخراسانيين٢ في جوازه قولين: أصحهما جوازه، والثاني تحريمه، لأنه يؤدي إلى ملابسته وملابسة دخانه، ودخانه نجس على الأصح، والخلاف في جواز الاستصباح جاز في الزيت النجس والسمن، ... وسائر الأدهان المتنجسة، ... والصحيح في الجميع جواز الاستصباح ... "٣.

وعليه فإن الصحيح في مذهب الشافعية هو جواز الاستصباح بالزيت المتنجس، وقد نص عليه الإمام الشافعي، ونقل عن أكثر الخراسانيين أن في جوازه قولين: أصحهما الجواز، والثاني تحريم الاستصباح، وهذا الخلاف يجري في سائر الأدهان. والصحيح فيها جميعاً هو جواز الاستصباح.

مذهب الحنابلة: القول بعدم جواز بيع الأدهان المتنجسة، وهناك رواية عن الإمام أحمد بجواز بيعه للكافر، وأجازوا دفع الدهن المتنجس لكافر لفكاك مسلم، لأنه ليس ببيع حقيقة وإنما هو استنقاذ المسلم به، وأما الاستصباح به فالراجح من مذهبهم جواز ذلك في غير المساجد، على وجه لا تتعدى نجاسته إلى المنتفع، ويحكمون بالعفو عن قليل الدخان إذا أصاب ثياب


١ الشربيني ٢/١٥- ١٦.
٢ مؤسس طريقة الخراسانيين هو أبو عوانة يعقوب بن إسحاق النيسابوري صاحب المسند والمستخرج على كتاب مسلم.
راجع: المذهب عند الشافعية لمحمد الطيب اليوسف ص ١١٤-١٢٥.
٣ النووي ٩/٢٨٣.

<<  <   >  >>