للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشافعية وأحد أقوال مذهب الحنابلة.

فالمذاهب في مسألة البيع للأدهان المتنجسة وكذا الاستصباح ونحوه من كافة أوجه الانتفاع تنحصر في المذهبين السابقين تأصيلاً واستدلالاً وترجيحاً، وبناء على هذا فكما أن عرض المذاهب في المسألتين واحد فإن الاستدلال بوجوهه المتعددة واحد كذلك، لأن حكم البيع فرع عن حكم الانتفاع والاتخاذ، وهذا الانتفاع معلق على إمكان التطهير من عدمه، والأخير مرتبط بما إذا كان المتنجس مائعاً أم جامداً.

الأدلة: استدل من قال بجواز البيع والانتفاع بالأدهان المتنجسة بما يلي:

١- ما روي عن علي رضي الله عنه في النجاسة إذا وقعت في الدهن قال: "يستصبح به ويدبغ به الجلود"١.

٢- حديث أبي هريرة رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فإن كان مائعاً فانتفعوا به" ٢.

٣- حديث ابن عمر -رضي الله عنه- أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن فأرة ماتت في سمن فقال: "تلقى الفأرة وما حولها ويؤكل الباقي؛" فقيل: يا رسول الله أرأيت لو كان السمن ذائباً؟ فقال: "لا تأكلوه، ولكن انتفعوا به" ٣، وهذا تصريح منه صلى الله عليه وسلم بالانتفاع بالمتنجسات.

٤- القياس على الثوب المتنجس بجامع أن كلا النجاستين ليست عينية بل هي بالمجاورة.

ونوقشت هذه الأدلة بما يأتي:

أما حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- فقد أجاب عنه ابن حجر في الفتح قائلاً: وقد احتج بعضهم بما وقع في رواية عبد الجبار بن عمر عند البيهقي في حديث


١ لم أقف على إسناد هذا الحديث في الكتب المسنده ولكني وجدت بعض العلماء ذكروا ذلك عنه بغير إسناد.
٢ رواه ابن الجوزي في التحقيق ٢/١٨٨ برقم ١٤٧١.
٣ الحديث أخرجه الدارقطني ٤/٢٩١، والبيهقي في السنن ٩/٣٥٤.

<<  <   >  >>