للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلب ماشية أو صيد نقص من أجره كل يوم قيراطان" ١.

كما أن الله سبحانه قد نص على تحريم الميتة والدم ولحم الخنْزير حيث قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} ٢ ورغم هذا فقد حثنا الشارع على عدم إهدار الجزء الذي يمكن الانتفاع به من الميتة وهو إهابها طالما أنه معالج بالدباغة حيث قال صلى الله عليه وسلم: "هلا استمتعتم بإهابها" ٣ وقيد التحريم بأنه إنما يتناول أكلها فقال: "إنما حرم أكلها" ٤ وأنه إذا دبغ الإهاب فقد طهر.

وفي هذا إشارة إلى أن سبب منع بيع الإهاب قبل دبغه إنما هو النجاسة، وأنه لا مانع من بيعه بعد دبغه لانتفاء ذلك المانع بحلول الطهارة المشترطة في صحة البيع شرعاً.

وبناء على هذا: فإن الذي حرمه الشارع ومنع بيعه من النجاسات إنما هو النجاسة التي لا ينتفع بها بصورة مشروعة، لأن اقتناءها يعتبر ذريعة إلى محاولة الانتفاع بها، وحيث حرم كل وجه من وجوه الانتفاع بها فقد حرم اقتناؤها وبالتالي حرم بيعها.

ومنشأ الخلاف بين الفقهاء ينحصر فقط في الأساس المتخذ لتحريم الميتة٥ فمنهم من يرى أنه النجاسة، ومنهم من يرى أنه عدم المالية، وذلك على نحو ما ذهب إليه الحنفية، فهؤلاء يرون أن نجاسة هذه الأشياء لم تلغ ماليتها فهي أموال يمكن الانتفاع


١ الحديث متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية، رقم ٥١٦٣، ٥١٦٤، ٥١٦٥، ومسلم في كتاب المساقاة باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه وبيان تحريم اقتنائها إلا لصيد أو زرع أو ماشية ونحو ذلك برقم ١٥٧٤.
٢ سورة المائدة: الآية ٣.
٣ الحديث متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجه البخاري في كتاب البيوع باب جلود الميتة قبل أن تدبغ برقم ٢١٠٨ وكتاب الذبائح والصيد باب جلود الميتة برقم ٥٢١١ واللفظ له، ومسلم في كتاب الحيض باب طهارة جلود الميتة بالدباغ برقم ٣٦٣.
٤ هذا جزء من حديث ابن عباس السابق تخريجه.
٥ وكذا الدم والخنْزير والكلب على نحو ما سيرد في محله إن شاء الله.

<<  <   >  >>