للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا وجدت ابن حجر رحمه الله يقول: "واستدل بمطلق قوله صلى الله عليه وسلم "كل مسكر حرام" على تحريم ما يسكر ولو لم يكن شراباً فيدخل في ذلك الحشيشة والبنج وما في حكمها"١.

ويعضد هذا بما جاء من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر"٢.

حيث يقتضي هذا الحديث حرمة المخدرات، لأنه نص على تحريم كل ما يسكر ويفتر، والمعروف أن المخدرات فيها العلتان فهي مسكرة ومفترة.

هذا فضلا ً عن الحديث التي روته السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وقد سئل عن البتع٣؟ فقال: "إن كل شراب أسكر فهو حرام" ٤.

فقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم كل ما يغيب العقل ويستره دون تفريق بين المسكر المائع أو الجامد، حيث يصدق على ذلك مسمى الخمر المحرمة، لأنها تخمر العقل أي تغطيه وتستره، أو لأنها تخامره أي تخالطه.

والناظر في هذه الأحاديث الشريفة يجد أن إطلاق التحريم شامل لكل ما يحصل به الإسكار، ومن ذلك الحشيشة وما يجري مجراها من المواد المخدرة، وأن العلة الموجودة في الخمر موجودة في الحشيشة، فوجب أن يتخذ الحكم بالتحريم فيهما.

يقول ابن القيم: "إن الخمر يدخل فيها كل مسكر، مائعاً كان أو جامداً، عصيراً أو مطبوخاً" ٥.


١ راجع: فتح الباري ١٠/٤٥.
٢ أخرجه الإمام أحمد ٦/٣٠٩، وأبو داود كتاب الأشربة باب النهي عن المسكر برقم ٣٦٨٦، والبيهقي في السنن ٨/٢٩٦، والطبراني في الكبير ٢٣/٣٣٧، من طريق شهر بن حوشب عن أم سلمة به، وشهر قال عنه الحافظ: صدوق كثير الإرسال والأوهام، لكنه قال في الفتح ١٠/٤٤: أخرجه أبو داود بسند حسن. ا?. وقال أيضا ١٠/٤٥: فقد ثبت عن أبي داود النهي عن كل مسكر ومفتر. ا?.
٣ هو نبيذ العسل. المعجم الوسيط للدكتور إبراهيم أنيس وجماعه ١/٣٧ ص ٣٧.
٤ أخرجه مسلم كتاب الأشربة باب بيان أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام برقم ٢٠٠١.
٥ زاد المعاد ٢/١٩٧.

<<  <   >  >>