للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمن يستعمل منها القدر المغيب للعقل أو لا يؤمن منه ذلك.

المذهب الثاني: يرى جواز بيع جميع الأشربة مما هو سوى الخمر، ومن هذا المخدرات، وإلى هذا ذهب الإمام أبو حنيفة، ووافقه في هذا بعض المالكية كالحطاب، وهو قول الخرشي، بشرط التأكد من أن البيع لمن لا يستعمل منها القدر المغيب للعقل أو يؤمن منه ذلك.

الأدلة: استدل القائلون بحرمة بيع المخدرات بما يأتي:

١ – قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} ١ حيث حرم الله سبحانه وتعالى كل ضار خبيث، ولما كان من شأن المواد السابقة الضرر بعقل من يتناولها، كانت خبيثة، ونهى عنها الشارع، ولأن المحافظة على العقل من المصالح الضرورية التي قصد الشارع إلى تحقيقها من تشريع الأحكام، فتناول هذه المواد يخل بما قصد إليه الشارع من ذلك.

٢ – قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} ٢، وقال: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ٣. ففي هاتين الآيتين نهى الله سبحانه وتعالى عن قتل النفس، والإلقاء بها إلى ما فيه هلاكها، والنهي يفيد التحريم عند الإطلاق، وأن المواد السابقة تفتك ببدن من تناولها، وقد تؤدي إلى وفاته، فإنه يحرم بيع وتناول ما يؤدي إلى ذلك منها.

٣ – قوله صلى الله عليه وسلم: فيما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما "كل مسكر حرام" ٤، فقوله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر" عام يشمل ما وقع به الإسكار سواء كان شراباً أو جامداً أو مائعاً، والمخدرات مسكرة مزيلة للعقول سواء كانت نباتية أو مصنعة.


١ سورة الأعراف: الآية ١٥٧.
٢ سورة النساء: الآية ٢٩.
٣ سورة البقرة: الآية ١٩٥.
٤ أخرجه البخاري برقم ٤٠٨٧، ٤٠٨٨ برقم ٥٧٧٣، وكتاب الأحكام باب أمر الوالي إذا وجه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا ولا يتعاصيا برقم ٦٧٥١، ومسلم برقم ٢٠٠١، وبرقم ٢٠٠١ وبرقم ٢٠٠٢ وبرقم ٢٠٠٣.

<<  <   >  >>