للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال آخر:

والكوكب النحس يسقي الأرض أحياناً١

أما نسبة المطر إلى الأنواء والنجوم فهو منتشر بينهم بصورة كبيرة، إذ أنهم ينسبون المطر إلى النجم الطالع، وقيل إلى الساقط٢، ولم يكن أهل الجاهلية يعتقدون أن المنشأ للمطر والخالق له هذا الكواكب، بل كانوا يعلمون أن الله هو المنزل للمطر، كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ٣، والذي يدل على نسبتهم المطر إلى الأنواء قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة" ٤، فجعل الذي يستسقي بالنجوم مشابهاً لأهل الجاهلية في هذا الفعل تنفيراً منه، لذلك ورد التغليظ في النهي عن القول بقول أهل الجاهلية هذا في حديث زيد بن خالد الجهني٥ أنه قال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمن


١ "نهاية الأرب": (١/٦٤) .
٢ انظر: "الأنواء في مواسم العرب" ص٩.
٣ انظر: "تيسير العزيز الحميد": ص٤٥٤، والآية رقم ٦٣ من سورة العنكبوت.
٤ رواه مسلم: (٣/٤٥) ، كتاب الجنائز.
٥ هو زيد بن خالد الجهني المدني، مختلف في كنيته، صحابي شهد الحديبية، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح، توفي سنة ثمان وسبعين، وقيل: قبل ذلك. انظر: "تهذيب الكمال": (١/٤٥٣) ، و"الإصابة": (١/٥٦٥) .

<<  <   >  >>