للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت بداية ذلك في عهد أبي جعفر المنصور –حيث دخل الدولة الإسلامية كثير من اليهود والنصارى والمجوس والصابئة من المنجمين والفلاسفة الذين تأثروا بتلك المدارس الفلسفية، ومن غيرهم، فوجدها أعداء الإسلام هؤلاء ثغرة يستطيعون بث سمومهم منها بنشر الفلسفة والتنجيم بين أبناء المسلمين، إذ لم يكن دخول هؤلاء بين المسلمين وترجمة كتب الفلاسفة، لهدف مادي أو لهدف نشر العلم على حسب مفهومهم لمعنى العلم- ولكن كان الهدف هو الدعوة إلى نحلتهم، ونصرة مذهبهم، وصرف المسلمين عن دينهم، كما صرح بذلك كثير من كتابهم١.

فنجد نوبخت الفارسي من أوائل من وفد على المنصور وحظي عنده بمنزلة رفيعة٢، وتوارث أبناؤه هذه الصناعة بعده٣.

كما أن يحيى بن أبي منصور المنجم الفارسي المجوسي كان في بلاد المأمون، ورغبة المأمون في الإسلام فأسلم، واستمرت صناعة التنجيم في سلالته٤، كما أن من آثاره، تأديب أبناء موسى بن شاكر٥، وتعليمهم أصناف الفلسفة، مما جعل لهم دوراً كبيراً في نشر الفلسفة فيما بعد، إذ


١ انظر: "الإسلام والفلسفات القديمة": ص٥٨-٥٩.
٢ انظر: "البداية والنهاية": (١٠/١٢٥) .
٣ انظر: "تاريخ الحكماء": ص٤٠٩.
٤ انظر: "الفهرست" لابن النديم: ص٢٠٥، و"تاريخ الحكماء": ص٣٥٧، و"الأعلام": (٨/١٧٣) .
٥ كان موسى بن شاكر من منجمي المأمون، وكان متقدماً هو وبنوه –فيما بعد- محمد وأحمد والحسن في علم الهندسة، وهيئة الأفلاك، وحركات النجوم، وقد توفي وهم صغارً، ولم يكن أهل العلم والأدب، بل كان لصًّا يقطع الطريق. انظر: "تاريخ الحكماء": ص٣١٥، ٤٤١، و"الأعلام": (٧/٣٢٣) .

<<  <   >  >>