للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما فوقه من سقف ونحوه، فسماه سماءًا لعلوه بالنسبة إلى ما تحته١، فإذا عرف هذا كان معنى الآيات التي استدل بها محمولاً على أحد معنيين:

الأول: أن الله سبحانه جعل هذه الكواكب في مدار بين السماء والأرض، وسماه سماءً لعلوه، وليس في الأدلة ما يمنع ذلك.

وقد ذكر الله سبحانه أن الشمس والقمر يجريان في فلك في آيتين من كتابه الكريم، وهما قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ٢، وقوله: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ٣، ولو كانا ملصقين في السماء لم يوصفا بالسبح، كما قال ابن عباس وغيره: "يدورون كما يدور المغزل في الفلكة"٤، وقال النسفي٥: الجمهور على أن الفلك موج مكفوف٦ تحت السماء تجري فيه الشمس والقمر والنجوم٧.

المعنى الثاني: أنه أراد بالسماء في الآيات المتقدمة السماء الدنيا كما هو ظاهر قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} ٨،


١ "تفسير القرطبي": (١٧/١٢٥) .
٢ سورة الأنبياء، الآية: ٣٣.
٣ سورة يس، الآية: ٤٠.
٤ سميت بذلك لاستدارتها، والفلكة قطعة من الأرض أو الرمل تستدير وترتفع على ما حولها. انظر: "الصحاح": (٤/١٦٠٤) .
٥ هو عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، أبو البركات، ففيه حنفي، مفسر، توفي سنة إحدى وسبعمائة، وقيل: عشرة وسبعمائة. انظر: "كشف الظنون": (١٦٤٠) ، "الأعلام": (٤/٦٧) .
٦ يراد أن الفلك أشرج على ما فيه وقفل. انظر: "لسان العرب": (٩/٣٠٤) .
٧ "تفسير النسفي": (٣/٣٣٤) .
٨ سورة الحجر، الآية: ١٦.

<<  <   >  >>