للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان بين السماء والأرض هذا البعد الشاسع فالتوصل بالأرصاد والمناظير إلى اكتشاف ما في السماء غير ممكن١.

ويناقش هذا الاستدلال بما يلي:

أولاً: ليس في الآيات المذكورة ما يدل على أن الشمس والقمر وغيرهما من الكواكب في داخل السماء، أو أنها ملصقة بها، وإنما تدل الآيات على أن هذه الكواكب في السماء، وأنها زينة لها، ولفظ السماء يطلق ويراد به ما علا وارتفع، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ٢، فالمراد بالسماء هنا: السحاب وسمي بذلك لعلوه وارتفاعه٣.

وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} ٤، فالمراد بقوله: {فِي السَّمَاءِ} أي في العلو٥.

وقال: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} ٦، أي فليمدد بسبب إلى


١ انظر: "ذيل الصواعق لمحو الأباطيل والمخارق": ص٤٦-٤٨.
٢ سورة البقرة، الآيتان: ٢١-٢٢.
٣ انظر: "تفسير ابن كثير": (١/٥٧) .
٤ سورة إبراهيم، الآية: ٢٤.
٥ انظر: "تفسير القرطبي": (٩/٣٥٩) .
٦ سورة الحج، الآية: ١٥.

<<  <   >  >>